إذا قام دليل محرز على حكم فلا شكّ في أنّه لا تجري الاصول العمليّة المخالفة له، و هذا واضح إذا كان الدليل المحرز قطعيّاً، إذ يكون حينئذ وارداً [1]، لأنّ الاصول العمليّة اخذ في موضوع دليلها الشكّ، و هو ينتفي حقيقةً بورود الدليل المحرز القطعيّ. و أمّا إذا كان الدليل المحرز أمارةً ظنّيّةً كخبر الثقة فيتقدّم أيضاً بدون شكّ، و إنّما البحث في تكييف هذا التقديم و تفسيره، إذ قد يستشكل فيه بأنّ الأمارة لمّا كانت ظنّيةً فهي لا تنفي الشكّ حقيقةً، و على هذا فموضوع دليل الأصل و هو الشكّ محقّق، فما الموجب لطرح دليل الأصل و الأخذ بالأمارة؟ و لما ذا لا نفترض التعارض بين دليل الأصل و دليل حجّية تلك الأمارة فلا نعمل بأيّ واحد منهما؟
و هناك محاولات لدفع هذا الاستشكال و تبرير تقديم الأمارة على الأصل، نذكر منها محاولتين: