يُسمّى بالدليل الحاكم، و يُسمّى الآخر بالدليل المحكوم، و يقدّم الدليل الحاكم على الدليل المحكوم بالقرينيّة. و نتيجة تقديم الحاكم في الأمثلة المذكورة تضييق دائرة الدليل المحكوم و إخراج بعض الحالات عن إطلاقه.
و لا يختصّ الحاكم بالتضييق، بل قد يكون موسّعاً، كما في حالات التنزيل نظير قولهم: (الطواف بالبيت صلاة)، فإنّه حاكم على أدلّة أحكام الصلاة، من قبيل: (لا صلاة إلّا بطهور)، لأنّه ناظر إلى تلك الأحكام و موسّع لموضوعها بالتنزيل، إذ يُنزّل الطواف منزلة الصلاة.
و يُلاحظ من خلال ما ذكرناه: التشابه بين الدليل الوارد النافي لموضوع الحكم في الدليل المورود و بين الدليل الحاكم الناظر إلى موضوع القضيّة في الدليل المحكوم [1]، و لكنّهما يختلفان اختلافاً أساسيّاً، لأنّ الدليل الوارد ناف لموضوع الحكم في الدليل المورود حقيقةً، و أمّا الدليل الحاكم المذكور فهو يستعمل النفي كمجرّدِ لسان لأجل التنبيه على أنّه ناظر إلى الدليل المحكوم و قرينة عليه [2].
و يترتّب على هذا الاختلاف الأساسيّ بين الدليل الوارد و الدليل الحاكم المذكور أنّ تقدّم الدليل الوارد بالورود لا يتوقّف على أن يكون فيه ما يُشعر أو يُدلّ على نظره إلى الدليل المورود و لحاظه له،
[1] كما يلاحظ أيضاً التشابه بين الدليل الوارد الموسّع لموضوع الحكم في الدليل المورود و بين الدليل الحاكم الموسّع لموضوع الحكم في الدليل المحكوم.
[2] و هذا الاختلاف الأساسي يجري أيضا بين الورود و الحكومة في مجال التوسعة، فالدليل الوارد يوسّع موضوع الحكم في الدليل المورود حقيقةً و لا حاجة فيه إلى القرينيّة و النظر، و أمّا الدليل الحاكم فهو يوسّع موضوع الدليل المحكوم اعتباراً لأجل التنبيه على أنّه ناظر إلى مفاد الدليل المحكوم و قرينة عليه.