بعد أن تمّت دلالة النصوص على جريان الاستصحاب نتمسّك بإطلاقها لإثبات جريانه في كلّ الحالات التي تتمّ فيها أركانه، و هذا معنى عموم جريانه، و لكن هناك أقوال تتّجه إلى التفصيل في جريانه بين بعض الموارد و بعض، بدعوى قصور إطلاق الدليل عن الشمول لجميع الموارد. و نقتصر على ذكر أهمّها و هو: ما ذهب إليه الشيخ الأنصاريّ و المحقّق النائيني (رحمهما الله) من جريان الاستصحاب في موارد الشكّ في الرافع و عدم جريانه في موارد الشكّ في المقتضي.
و توضيح مدّعاهما: أنّ المتيقّن الذي يشكّ في بقائه: تارةً يكون شيئاً قابلًا للبقاء و الاستمرار بطبعه، و إنّما يرتفع برافع، و الشكّ في بقائه ينشأ من احتمال طروّ الرافع، ففي مثل ذلك يجري استصحابه، و مثاله: الطهارة التي تستمرّ بطبعها متى ما حدثت ما لم ينقضها حدث.
و اخرى يكون المتيقّن الذي يشكّ في بقائه محدود القابليّة للبقاء في نفسه، كالشمعة التي تنتهي لا محالة بمرور زمن حتّى لو لم يهبّ عليها الريح، فإذا شكّ في بقاء نورها لاحتمال انتهاء قابليّته لم يجرِ