و من نتائج الفرق المذكور بين الاستصحاب و قاعدة اليقين: أنّ الشكّ في موارد قاعدة اليقين ناقض تكويناً لليقين السابق، و لهذا يستحيل أن يجتمع معه في زمان واحد، و أمّا الشكّ في موارد الاستصحاب فهو ليس ناقضاً حقيقة.
و منها: قاعدة المقتضي و المانع، و هي القاعدة التي يُبنى فيها عند إحراز المقتضي و الشكّ في وجود المانع على انتفاء المانع و ثبوت المقتضى بالفتح [1] و هذه القاعدة تشترك مع الاستصحاب في وجود اليقين و الشكّ، و لكنّهما فيها متعلّقان بأمرين متغايرين ذاتاً، و هما: المقتضي و المانع، خلافاً لوضعهما في الاستصحاب حيث إنّ متعلّقهما واحد ذاتاً فيه.
و كما تختلف هذه القواعد في أركانها المقوّمة لها، كذلك في حيثيات الكشف النوعيّ المزعومة فيها، فإنّ حيثيّة الكشف في الاستصحاب تقوم على أساس (غلبة أنّ الحادث يبقى)، و حيثيّة الكشف في قاعدة اليقين تقوم على أساس (غلبة أنّ اليقين لا يُخطئ) و حيثيّة الكشف في قاعدة المقتضي و المانع تقوم على أساس (غلبة أنّ المقتضيات نافذة و مؤثّرة في معلولاتها).
و البحث في الاستصحاب يقع في عدّة مقامات:
الأول: في أدلّته.
و الثاني: في أركانه التي يتقوّم بها.
[1] كما إذا أحرز أنّ زيداً شرب السمّ المقتضي للموت، و شكّ في أنّه هل شرب الدواء المانع عن تأثير هذا المقتضي أو لم يشرب، فلو صحّت قاعدة المقتضي و المانع لزم البناء على حصول الموت، و ترتّب عليه الإرث و غيره من الآثار الشرعيّة.