مالًا إلّا بقدر ما رزق و أعطى، و لا يكلّف بفعل إلّا في حدود ما أقدر عليه من أفعال، و لا يكلّف بتكليف إلّا إذا كان قد آتاه و أوصله إلى المكلّف، فالإيتاء بالنسبة إلى كلٍّ من (المال) و (الفعل) و (التكليف) بالنحو المناسب له. فينتج: أنّ الله تعالى لا يجعل المكلّف مسئولًا تجاه تكليف غير واصل، و هو المطلوب.
و قد اعترض الشيخ الأنصاريّ على هذا الاستدلال: بأنّ إرادة الجامع من اسم الموصول غير ممكنة، لأنّ اسم الموصول حينئذ بلحاظ شموله للتكليف يكون مفعولًا مطلقاً [1]، و بلحاظ شموله للمال يكون مفعولًا به [2]، و النسبة بين الفعل و المفعول المطلق تغاير النسبة بين الفعل و المفعول به، فإنّ الاولى هي نسبة الحدث إلى طور من أطواره [3]، و الثانية هي نسبة المغاير إلى المغاير [4]، فيلزم من استعمال الموصول في الجامع إرادة كلتا النسبتين من هيئة ربط الفعل بمفعوله، و هو من استعمال اللفظ في معنيين، مع أنّ كلّ لفظ لا يستعمل إلّا في معنىً واحد [5].
[1] لأنّ المستثنى منه المحذوف يكون بهذا اللحاظ مفعولًا مطلقاً، و المستثنى يقوم مقامه. و المعنى: لا يكلّف الله نفساً تكليفاً إلّا التكليف الذي آتاها.
[2] لأنّ، المستثنى منه المحذوف يكون بهذا اللحاظ مفعولًا به، و المستثنى يقوم مقامه. و المعنى: لا يكلّف الله نفساً مالًا إلّا المال الذي آتاها.
[3] ففي قولك: (جلست جلسة الأمير) يكون المفعول المطلق طوراً من أطوار الجلوس.
[4] ففي قولك: (رأيت زيداً) يكون المفعول به مغايراً للرؤية و ليس طوراً من أطوارها.
[5] و قد مضى الحديث عن استحالة استعمال اللفظ في معنيين في الحلقة الاولى بعد توضيح الإرادة الاستعمالية تحت عنوان (ما هو الاستعمال؟).