و يظهر من كلام المحقّق النائينيّ (رحمه الله)[1]: أنّه حاول الاستدلال على قاعدة قبح العقاب بلا بيان و البرهنة عليها، و يمكن تلخيص استدلاله في وجهين:
أحدهما: أنّ التكليف إنّما يكون محرّكاً للعبد بوجوده العلمي، لا بوجوده الواقعيّ، كما هو الحال في سائر الأغراض الاخرى، فالأسد مثلًا إنّما يحرّك الإنسان نحو الفرار بوجوده المعلوم لا بوجوده الواقعيّ، وعليه فلا مقتضي للتحرّك مع عدم العلم. و من الواضح أنّ العقاب على عدم التحرّك مع أنّه لا مقتضي للتحرّك قبيح.
و الآخر: الاستشهاد بالأعراف العقلائيّة، و استقباح معاقبة الآمر في المجتمعات العقلائيّة مأمورة على مخالفة تكليف غير واصل.
أمّا الوجه الأوّل فيرد عليه: أنّ المحرّك للعبد إنّما هو الخروج عن عهدة حقّ الطاعة للمولى، و غرضه الشخصيّ قائم بالخروج عن هذه العهدة، لا بامتثال التكليف بعنوانه، فلا بدّ من تحديد حدود هذه العهدة، و أنّ حقّ الطاعة هل يشمل التكاليف المشكوكة، أوْ لا؟ فإن ادّعي عدم الشمول كان مصادرةً [2] و خرج البيان عن كونه برهاناً، و إن لم يفرغ عن عدم الشمول فلا يتمّ البرهان المذكور، إذ كيف يفترض أنّ التحرّك مع عدم العلم بالتكليف بلا مقتض، مع أنّ المقتضي للتحرّك هو حقّ الطاعة الذي ندّعي شموله للتكاليف