كلّما شكّ المكلّف في تكليف شرعيٍّ و لم يتيسّر له إثباته أو نفيه فلا بدّ له من تحديد موقفه العمليّ تجاه هذا الحكم المشكوك. و يوجد مسلكان في تحديد هذا الموقف:
الأوّل: مسلك قاعدة قبح العقاب بلا بيان، و هو المسلك المشهور القائل بأنّ التكليف ما دام لم يتمّ عليه البيان فيقبح من المولى أن يعاقب على مخالفته.
و هذا المسلك يعني بحسب التحليل كما عرفنا في بحث سابق أنّ حقّ الطاعة للمولى مختصّ بالتكاليف المعلومة و لا يشمل المشكوكة.
الثاني: مسلك حقّ الطاعة الذي تقدّم شرحه، و هو مبنيّ على الإيمان بأنّ حقّ الطاعة للمولى يشمل كلّ تكليف غير معلوم العدم ما لم يأذن المولى نفسه في عدم التحفّظ من ناحيته.
فبناءً على المسلك الأوّل تكون القاعدة العمليّة الأوّلية هي البراءة بحكم العقل، و بناءً على المسلك الثاني تكون القاعدة المذكورة هي أصالة شغل الذمّة بحكم العقل ما لم يثبت إذن من الشارع في عدم التحفّظ [1].