و لكنّ الصحيح: أنّه لا مقدّميّة لترك أحد الفعلين لإيقاع الفعل الآخر، فإنّ المقدّمة هي العلّة أو جزء العلّة، و نحن نلاحظ أنّ المكلّف في مثال الصلاة و الإزالة يكون اختياره هو العلّة الكفيلة بتحقّق ما يختاره و نفي ما لا يختاره، فوجود أحد الفعلين و عدم الآخر كلاهما مرتبطان باختيار المكلّف، لا أنّ أحدهما معلول للآخر، و لو كان ترك الصلاة علّةً أو جزءَ العلّة للإزالة، و ترك الإزالة علّةً أو جزء العلّة للصلاة لكان فعل الصلاة نقيضاً لعلّة الإزالة، و نقيض العلّة علّة لنقيض المعلول، فينتج أنّ فعل الصلاة علّة لترك الإزالة، و هذا يؤدّي إلى الدور، إذ يكون كلّ من الضدّين معلولًا لترك الآخر و علّةً للترك نفسه [1].
[1] توضيح هذا الدّور: أنّنا لو بنينا على أنّ ترك كلّ من الضدّين مقدّمة لفعل الآخر، صدق القضيّتان التاليتان:
إنّ (ترك الصلاة) علّة أو جزء العلّة ل (فعل الإزالة).
إنّ (ترك الإزالة) علّة أو جزء العلّة ل (فعل الصلاة).
و إذا طبّقنا على القضيّة الثانية القاعدة الفلسفيّة القائلة: (إنّ نقيض العلّة علّة لنقيض المعلول) أنتج قضيّة ثالثة، و هي:
إنّ (فعل الإزالة) علّة أو جزء علّة ل (ترك الصلاة).
و هذه القضيّة الثالثة لو ضممناها إلى القضيّة الاولى السابقة نتج منهما الدور، لأنّ (فعل الإزالة) معلول ل (ترك الصّلاة) بحكم القضيّة الاولى، و علّة له بحكم القضيّة الثالثة.
كما أنّنا إذا طبّقنا القاعدة الفلسفيّة السابقة على القضيّة الاولى أنتج قضيّة رابعة، و هي: إنّ (فعل الصلاة) علّة أو جزء العلّة ل (ترك الإزالة).
و هذه القضيّة الرابعة لو ضممناها إلى القضيّة الثانية السابقة نتج منهما الدور أيضاً، لأنّ (فعل الصلاة) معلول ل (ترك الإزالة) بحكم القضيّة الثانية و علّة له بحكم القضيّة الرابعة.