قد يقال بأنّ إيجاب شيء يستلزم حرمة الضدّ. و الضدّ على قسمين:
أحدهما: الضدّ العامّ، و هو بمعنى النقيض.
و الآخر: الضدّ الخاصّ، و هو الفعل الوجوديّ الذي لا يجتمع مع الفعل الواجب.
و المعروف بين الاصوليّين أنّ إيجاب شيء يقتضي حرمة ضدّه العامّ. و لكنّهم اختلفوا في جوهر هذا الاقتضاء، فزعم البعض أنّ الأمر بالشيء عين النهي عن ضدّه العامّ، و ذهب بعض آخر إلى أنّه يتضمّنه، بدعوى أنّ الأمر بالشيء مركّب من طلب ذلك الشيء و المنع عن تركه، و قال آخرون بالاستلزام.
و أمّا بالنسبة إلى الضدّ الخاصّ فقد وقع الخلاف فيه. و ذهب جماعة إلى أنّ إيجاب شيء يقتضي تحريم ضدّه الخاصّ، فالصلاة و إزالة النجاسة عن المسجد إذا كان المكلّف عاجزاً عن الجمع بينهما فهما ضدّان، و إيجاب أحدهما يقتضي تحريم الآخر.
و قد استدلّ البعض على ذلك: بأنّ ترك أحد الضدّين مقدّمة لوقوع الضدّ الآخر، فيكون واجباً بالوجوب الغيريّ، و إذا وجب أحد النقيضين حرم نقيضه، و بهذا يثبت حرمة الضدّ الخاص [1].
[1] توضيحه: إنّ ترك الإزالة مثلًا مقدّمة لفعل الصلاة، فإذا وجب فعل الصلاة وجب ترك الإزالة بالوجوب الغيري، و إذا وجب ترك الإزالة حرم نقيضه، و هو فعل الإزالة، لأنّه ضدّه العام و قد قلنا: إنّ وجوب الشيء يقتضي حرمة ضدّه العام و بهذا يثبت أنّ وجوب فعل الصلاة يؤدّي إلى حرمة فعل الإزالة، و هو ضدّه الخاصّ.