و الجواب: أنّ مقتضى القاعدة هو عدم كونه مسئولًا عن ذلك، إذ قبل الزوال لا وجوب للصلاة لكي يكون مسئولًا من ناحيته عن توفير المقدّمات للصلاة، و إذا ترك المقدّمة قبل الزوال فلن يحدث وجوب عند الزوال ليبتلي بمخالفته، لأنّه سوف يُصبح عند الزوال عاجزاً عن الإتيان بالواجب، و كلُّ تكليف مشروطٌ بالقدرة [1]، فلا ضير عليه في ترك إيجاد المقدّمة قبل الزوال، و كلّ مقدّمة يفوت الواجب بعدم المبادرة إلى الإتيان بها قبل زمان الوجوب تسمّى بالمقدّمة المفوّتة. و بهذا صحّ أنّ القاعدة تقتضي عدم كون المكلّف مسئولًا عن المقدّمات المفوّتة.
و لكن قد يتّفق أحياناً أن يكون للواجب دائماً مقدّمة مفوّتة، على نحو لو لم يبادر المكلّف إلى إيقاعها قبل الوقت لعجز عن الواجب في حينه. و مثال ذلك: الوقوف بعرفات الواجب على من يملك الزاد و الراحلة، فإنّ الواجب منوط بظهر اليوم التاسع من ذي الحجّة [2]، و لكن لو لم يسافر المكلّف قبل هذا الوقت لَما أدرك الواجب في حينه، و في مثل ذلك لا شكّ فقهيّاً في أنّ المكلّف مسئول عن إيجاد المقدّمة المفوّتة قبل الوقت. و قد وقع البحث اصوليّاً في تفسير ذلك و تكييفه، و أنّه كيف يكون المكلّف مسئولًا عن توفير المقدّمات لامتثال وجوب غير موجود بعد؟ و ستأتي بعض المحاولات في تفسير ذلك في حلقة مقبلة [3].
[1] و لا ضير في التسبيب إلى العجز قبل فعليّة الوجوب على تفصيل سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى تحت عنوان (متى يجوز عقلًا التعجيز؟).
[3] كما ستأتي الإشارة إلى بعض تلك المحاولات في هذه الحلقة ضمن الحديث عن الواجب المعلّق تحت عنوان (زمان الوجوب و الواجب) و ضمن الحديث عن جواز التعجيز عقلًا.