يذكر لكلِّ علم موضوع عادة، و يراد به ما يكون جامعاً بين موضوعات مسائله، و ينصبّ البحث في المسائل على أحوال ذلك الموضوع و شئونه، كالكلمة العربيّة بالنسبة إلى علم النحو مثلًا.
و على هذا الأساس حاول علماءُ الاصول تحديد موضوع لعلم الاصول، فذكر المتقدِّمون منهم: أنّ موضوعه هو الأدلّة الأربعة: الكتاب و السنّة و الإجماع و العقل. و اعترض على ذلك: بأنّ الأدلّة الأربعة ليست عنواناً جامعاً بين موضوعات مسائله جميعاً، فمسائل الاستلزامات مثلًا موضوعها الحكم، إذ يقال مثلًا: إنّ الحكم بالوجوب على شيء هل يستلزم تحريم ضدّه، أوْ لا؟ و مسائل حجّية الأمارات الظنّيّة كثيراً ما يكون موضوعها الذي يبحث عن حجّيّته شيئاً خارجاً عن الأدلّة الأربعة، كالشهرة، و خبر الواحد، و مسائل الاصول العمليّة موضوعها الشكّ في التكليف على أنحائه [1] و هو أجنبيّ عن الأدلّة الأربعة أيضاً.
----------
[1] فمثلًا يقال: إنّ البراءة موضوعها الشكّ البدويّ غير المسبوق باليقين، و الاستصحاب موضوعه الشكّ البدويّ المسبوق باليقين، و الاحتياط موضوعه الشكّ المقرون بالعلم الإجماليّ، و هكذا.