غير أنّ الطريقة التي نتغلّب بها على هذه الصعوبة تتمّ كما يأتي: نطرح القضيّة الشرطيّة القائلة: لو كان قد ردع المعصوم عن السيرة لوصل إلينا، و التالي باطل، لأنّ المفروض عدم وصول الردع، فالمقدّم مثله. و وجه الشرطيّة: أنّ الردع عن سيرة عقلائيّة مستحكمة لا يتحقّق بصورة جادّة بمجرّد نهي واحد أو نهيين، بل يجب أن يتناسب حجم الردع مع قوّة السيرة و ترسّخها، فالردع إذن يجب أن يتمثّل في نواه كثيرة، و هذه النواهي بنفسها تخلق ظروفاً مناسبةً لأمثالها، لأنّها تُلفِت أنظار الرواة إلى السؤال، و تكثر الأسئلة و الأجوبة، و الدواعي متوفّرة لضبط هذه النواهي من قبل الرواة، فيكون من الطبيعيّ أن يصل إلينا شيء منها. و في حالة عدم وصول شيء بالقدر الذي تفترضه الظروف المشار إليها نستكشف عدم صدور الردع، و بذلك يتمّ كلا الركنين لدليل السيرة.
درجة الوثوق في وسائل الإحراز الوجداني:
وسائل الإحراز الوجدانيّ التي يقوم كشفها على حساب الاحتمال تؤدّي: تارةً إلى القطع بالدليل الشرعيّ، و اخرى إلى قيمة احتماليّة كبيرة، و لكنْ تناظرها في الطرف المقابل قيمة احتماليّة معتدّ بها. و ثالثةً إلى قيمة احتماليّة كبيرة تقابلها في الطرف المقابل قيمة احتماليّة ضئيلة جدّاً، و تسمّى القيمة الاحتماليّة الكبيرة في هذه الحالة بالاطمئنان، و في الحالة السابقة بالظنّ. و لا شكّ في حجّيّة الإحراز الواصل إلى درجة القطع تطبيقاً لمبدأ حجّيّة القطع، كما لا شكّ في أنّ