تعبد المجتهد ببقاء ذلك الحكم فى هذه الشريعة بالنظر الى فعلياته عند مقلديه مطلقا اما بالنسبة الى الطائفة الاولى و الثانية، فلعدم اليقين بفعلية الحكم فى حقهم بل المعلوم عدمها، و اما بالنسبة الى الطائفة الثالثة ممن كان للمجتهد ان ينظر الى فعلية الحكم و بقائه في حقه على تقدير بقائه فلعدم وجود اثر عملي فعلى لتعبد المجتهد و تعويله على الاستصحاب بالنظر اليها فلا يبقى فى البين محل إلا لأخذ المجتهد و تعويله على الاستصحاب العدمي و بنائه على عدم فعلية ذلك الحكم المشكوك في نسخه بالنسبة الى الطائفتين الاوليين على اشكال، فى صحة تعويله على الاستصحاب فى مثل هذه الشبهة الحكمية و قد تقدم توضيحه في الامر الرابع، هذا ملخص الوجه الاول من وجهي الاشكال فى المسألة، و واضح انه لا يختص بمحل الكلام و هو استصحاب الاحكام الثابتة في الشريعة السابقة التي شك في نسخها فى هذه الشريعة، بل هو جار حذوا بحذو بالنسبة الى الاحكام الثابتة في هذه الشريعة في الزمن السابق و احتمل رفعها في الزمن اللاحق من ناحية هذه الشريعة.

و قد يجاب عن هذه الاشكال بأنه لا ينحصر فرض تحقق الحكم الثابت فى الشريعة السابقة في حق من لا يتم شرائط الاستصحاب عنده و لا عند المجتهد بالنظر الى حاله من الطوائف الثلاث المتقدمة، بل قد يفرض تحققه فى حق من هو مدرك للشريعتين جامعا لجميع ما له المدخل فى موضوع ذلك الحكم الثابت فى حقه فى الشريعة السابقة المشكوك في نسخه في هذه الشريعة، و حينئذ فكما تتم أركان الاستصحاب من اليقين السابق و الشك اللاحق و اتحاد الموضوع في القضيتين عند ذلك المكلف نفسه، غاية الامر أنه ليس من شأنه التمسك به ابتداء أن لم يكن مجتهدا، كذلك تتم أركانه عند المجتهد بالنظر الى فعلية ذلك الحكم عند ذلك الشخص فيكون متيقنا لأصل تحققه فى حقه و شاكا في بقائه كذلك، فيعول على الاستصحاب‌