القربة فى المأمور به على ما هو المعروف من مذهبه و يدل عليه كلامه فى رسائله.
قلت: المخالفة القطعية للتكليف المعلوم لا تستلزم التخيير الالزامى فى مرحلة ثبوت التكليف فى نفس الامر و الواقع بل يجوز ان يكون التكليف فى واقعه تكليفا تعيينيا الزاما بواحد يجهله المكلف فى ظاهر الحال فيحتمل فيه ان يكون تكليفا الزاميا بخصوص الفعل على وجه القربة، و يحتمل فيه ان يكون تكليفا الزاميا بخصوص الترك توصليا، فدور ان الامر فى مقام الامتثال بين اختيار الفعل بقصد الامتثال او تركه لا بقصد الامتثال شيء، و التخيير الزامى بين الفعل القربى و تركه شيء آخر فلا مساس لهذا الكلام منه قده فى ذلك الباب بما نحن فيه.
و قد انقدح لك مما تقدم من الكلام ان التخيير ان كان بين النقيضين او الضدين اللذين لا ثالث لهما، فهو تخيير ارشادى و منه التخيير بين الاقل و الاكثر اذا اعتبر الاكثر مشروطا بشرط لا بالمعنيين الاخيرين، و ان لم يكن بين النقيضين او الضدين اللذين لا ثالث لهما فهو تخيير مولوى و منه التخيير بين الاقل و الاكثر اذا اعتبر الاكثر بشرط لا بالمعنى الاول.
و نقول: هنا علاوة عما تقدم، ان التخيير المولوى تارة يكون فى مسئلة فرعية كالتخيير فى خصال الكفارة، و اخرى يكون فى مسئلة اصولية كالتخيير بين الخبرين المتعارضين، فانه بأيهما اخذ من باب التسليم وسعه، و كان ذلك المأخوذ حجة على المكلف يلزمه العمل بمقتضاه ايجابا او تحريما، فهو نظير التخيير بين المجتهدين المتساويين فى الاجتهاد و الاعلمية و الاورعية لا يجوز للمقلد العمل بقول احدهما الا بعد اختيار احدهما المعين للتقليد، فيشترط فى