في سفرتي الثانية الى
تركيا سنة (1396 ه) كانت همّتي مدينة اسلامبول العامرة بالآثار الإسلامية، التي
تدلّ على ما كان للمسلمين من أمجاد، و منها خزائن الكتب الزاخرة بالتراث الإسلامي.
و كانت وجهتي هي
المكتبات العامة، تلك، و أنا أحمل معي قائمة ببعض ما هنالك من كتب تهمّني، أسعى في
أن أراها، أو أجد ما أتحف به المعرفة منها.
و لقد قمت بتجوال واسع
ممتع، رغم المشاكل، و العراقيل الرسميّة، التي كانت تعترض الطريق، لأني كنت أقوم
بذلك الجهد بصفة شخصيّة، و لوحدي، من دون أيّة مساعدة من أحد، إلّا أن اللّه جلّ
شأنه كان نعم العون على تجاوز كلّ العقبات.
و قد اخترت أعمالا لها
قيمتها مثل «طبقات ابن سعد» ترجمة الإمامين الحسن و الحسين عليهما السلام، و هو
القسم الذي لم يطبع من ذي قبل، في طبعة ليدن، و لا في طبعة بيروت، فتمكّنت من
الحصول على مايكروفلم لذلك القسم، بسعي إدارة مكتبة طوبقبو سراي- آنذاك- حيث أصدرت
لي بطاقة مؤقّتة، تمكّنت بها من التردّد على المكتبة طوال مدّة إقامتي هناك، كما
أمرت بإعداد الفلم عن ذلك الكتاب، و غيره.
و قد قامت لي بذلك كلّه
في سماح و عطف، قلّما يعهد مثله في المكتبات العامة، في بلدان إسلامية! و ممّا قمت
به في تلك السفرة العلميّة زيارتي للمكتبة السليمانية العامرة حيث رأيت نسخة
كتابنا هذا.
فقابلتها، بما عندي من
النسخ، و كان ذلك من أسباب قيامي بتحقيقه