اسم الکتاب : تاريخ معالم المدينة المنورة قديماً و حديثاً المؤلف : الخياري، أحمد ياسين الجزء : 1 صفحة : 116
لقد اضطر الملك العادل نور الدين الشهير بزنكي إلى حفر خندق عظيم جدا و عميق جدا، أقامه من سطح الماء حول الحجرة الشريفة النبوية عام 557 هجرية صب فيه الرصاص [1] بين أحجار عظيمة جدا مربوطة بكتل من الحديد، فأصبح الوضع بعد تمامه ثلاثة جدر، جدار قائم على الماء مربوطة أحجاره بالحديد، و أحجار متداخل بعضها في بعض، و جدار آخر أمامه يشبهه تماما كل الشبه في الشكل و الوضع و العمق، و بين الجدارين صب رصاص على شكل قوالب الأحجار تماما، فشكّل الرصاص هذا الجدار الثالث، و هذا الخندق العظيم الذي يقوم على ثلاثة جدر محيطة بالحجرة الشريفة النبوية من نواحيها الأربع.
و كان ذلك كله لأسباب مهمة-و مهمة جدا-داعية له، و قد تعددت ثلاث مرات، كان الغرض منها تارة أخذ جسم الرسول صلى اللّه عليه و سلم من المدينة المنورة إلى بعض المدن الإسلامية الأخرى، لتفخر به تلك المدينة المنقول إليها جسم رسول الله صلى اللّه عليه و سلم على غيرها، و تارة لإبعاد جسم أبي بكر الصدق رضي الله عنه، و جسم عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-عن جسم رسول الله صلى اللّه عليه و سلم و هذه الحالات الثلاث [2] سجلتها في المدينة المنورة حتى يوم الناس هذا آثار كثيرة و دور كبيرة كسقيفة الأمير، و سقيفة شيخي، و سقيفة الرصاص، و دار الضيافة.
أما في الحرم النبوي الشريف نفسه فثلاثة آثار غريبة سجلت هذه
[1] انظر الخبر بالتفصيل عند المطري، التعريف بما أنست الهجرة من معالم دار الهجرة، ص 73، و السمهودي، وفاء الوفاء 2/650-654.
[2] و الحالة الثالثة هي محاولة أخذ جسم الرسول صلى اللّه عليه و سلم مع صاحبيه و نقلهم إلى بعض المدن الإسلامية بعد أن بني لهم مكان خاص لذلك في زمن الدولة العبيدية، كما سترى قصة ذلك في الصفحات الآتية.
اسم الکتاب : تاريخ معالم المدينة المنورة قديماً و حديثاً المؤلف : الخياري، أحمد ياسين الجزء : 1 صفحة : 116