responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاج العروس من جواهر القاموس المؤلف : المرتضى الزبيدي    الجزء : 20  صفحة : 371

قد كانَ جَدُّكَ عِصْمةَ العَرَبِ الأُلَى # فاليَوْمَ أَنْتَ لَهُمْ مِن الأَجْذام‌ [1]

قال: قالَ ابنُ الشَّجري: قولهُ الأُلى يَحْتَمِل وَجْهَيْن:

أَحَدُهما أَن يكونَ اسْماً ناقِصاً بمعْنَى الذين، أَرادَ الأُلَى سَلَفُوا فحذَفَ الصِّلَةَ للعِلْم بها.

إلاّ [إلاّ]:

إلاَّ ، بالكسْرِ و التَّشْديدِ: للإسْتِثْناءِ ، و تكونُ حَرْفَ جَزاءٍ أَصْلُها إنْ لا، و هُما معاً لا يُمالانِ لأنَّهما مِن الأدواتِ حَقًّا.

قالَ الجَوْهرِي: يُسْتَثْنى بها على خَمْسِةِ أَوجُهٍ: بعْدَ الإيجابِ، و بعْدَ النَّفْي، و المُفَرَّغ، و المُقَدَّمِ، و المُنْقَطِع، فتكونُ في الاسْتِثْناءِ المُنْقَطِع بمعْنى لكن لأنَّ المُسْتَثْنَى مِن غَيْر جِنْسِ المُسْتَثْنَى منه، انتَهَى.

فمثالُ الإيجابِ: قوله تعالى: فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاََّ قَلِيلاً [2] ، و نَصْبُ ما بعْدَها بها. قال شيْخُنا: نَصْبُ المُسْتَثْنى بإلاّ هو الأصَحّ مِن أقْوالٍ ثمانِيَةٍ كما في التّسْهيلِ و شُرُوحِه.

و مِثالُ النَّفْي: قوله تعالى: مََا فَعَلُوهُ إِلاََّ قَلِيلٌ مِنْهُمْ‌ [3] ، و رَفْعُ ما بعْدَها على أَنَّه بَدَلُ بَعْضٍ‌ ؛ ففي هذه الآيةِ وقعَ في كَلامٍ غَيْر مُوجَب، و التَّقْديرُ إلاَّ ناسٌ قَليلٌ، أَي إلاَّ ناساً قليلاً، فإلاَّ حَرْفُ الاسْتِثْناء، و قَليلٌ بَدَلٌ، و المُبْدَلُ منه هو الواو، و لو كانَ في كَلامٍ مُوجَب لم يَجزِ البَدَل لفَسادِ المَعْنى، و إنَّما يختارُ البَدَل لعَدَمِ فَسَادِ المَعْنى حينَئِذٍ، و إذا جعلَ بدلاً كانَ إعْرابه كإعْرابِ المُبْدَل فلا يحتاجُ إلى تَكَلّفٍ، و إذا كانَ مُسْتَثْنى كانَ مَنْصوباً فيحتاجُ إلى تَكَلّف، و هو تَشْبِيههٌ بالمَفْعولِ به مِن حيثُ أنَّ كلَّ واحِدٍ منهما فُضْلَةٌ واقِعةٌ بعْدَ كَلامٍ تامٍّ، ثم إنَّ غيرَ المُوجبِ قد يكونُ اسْتِفْهاماً و نَهْياً، و هذا الاسْتِفْهام يلزمُ أن يكونَ على سَبِيلِ الإنْكارِ مِثالُه قوله تعالى: وَ مَنْ يَغْفِرُ اَلذُّنُوبَ إِلاَّ اَللََّهُ [4] ؛ و مِثالُ النَّهْي: لا يَقُمْ أَحَد إلاَّ أَحَد؛ قالَهُ الرِّضِيُّ.

و تكونُ‌ إلاَّ صِفَةً بمنْزِلَةِ غَيْر فيُوصَفُ بها و بتاليها أَوبهما، جَمْعٌ مُنْكَرٌ أَو شِبْهُه. اعْلَم أنَّ أَصْلَ إلاَّ أَنْ يكونَ للإسْتِثْناء، و أَصْلَ غَيْر أنْ يكونَ صفَةً تابعَةً لمَا قَبْله في الإعْراب، و قد يَجْعلُونَ إلاَّ صِفَة حملاً على غَيْر إذا امْتَنَعَ الإسْتِثْناء، و ذلكَ إذا كانتْ إلاَّ تابعَةً لجَمْعٍ مَنْكورٍ غَيْر مَحْصُورٍ، نحو قولهِ تعالى: لَوْ كََانَ فِيهِمََا آلِهَةٌ إِلاَّ اَللََّهُ لَفَسَدَتََا [5] ، فقَوْلُه‌ إِلاَّ تابِعَة لقَوْلهِ‌ آلِهَةٌ ، و قوْلُه‌ : إِلاَّ اَللََّهُ صفَةٌ لقوْلهِ آلِهَةٌ ، تَقْديرُ لَوْ كانَ فيهِما آلِهَةٌ غَيْر اللََّه لَفَسَدَتَا، لأنَّ الجَمْعَ المَنْكور غَيْرُ مَحْصُورٍ يُحْتَمل أن يَتناوَلَ ثلاثَةً فقط، و لم يكن المُسْتَثْنَى مِن جُمْلةِ الثَّلاثةِ حينَئِذٍ لعَدَمِ إفادَتِه التَّعْمِيم و الاسْتِغْراق، و لأنَّه لو جُعِلت إلاَّ للإسْتِثْناء لكانَ اللََّه مُسْتَثْنى داخلاً في المُسْتَثْنى منه و هو آلِهَة، فخَرَجَا منها بإلاَّ ، فيَلْزمُ وُجُود الآلِهَة و هو كُفْرٌ، فإذا امْتَنَعَ الاسْتِثْناءُ جُعِلَت إلاَّ للصِّفَة كغَيْر، كما جُعِل غَيْر للاسْتِثْناءِ، حملاً على إلاَّ . و كذا في‌ قولهِ‌ ، أَي الشَّاعر، و هو ذُو الرُّمّة، و هو مِثالٌ للجَمْع شبه المنكر:

أُنِيخَتْ فأَلْقَتْ بَلْدَةً فَوْقَ بَلْدَةٍ # قَليلٌ بها الأصْواتُ إلاَّ بُغامُها [6]

فإنَّ تَعْريفَ الأصْواتِ تَعْريفُ الجنْسِ، كما مَرَّ ذلكَ للمصنِّفِ في «ا ل ل» .

و قال الجَوْهرِي: و قد يُوصَفُ بإلاَّ ، فإنْ وَصَفْت بها جَعَلْتها و ما بعْدَها في مَوْضِع غَيْر و أتْبَعْتَ الاسْمَ بعْدَها ما قَبْلَه في الإعْرابِ فقُلْتَ: جاءَني القَوْمُ إلاَّ زيْدٌ، كقوله تعالى: لَوْ كََانَ فِيهِمََا آلِهَةٌ إِلاَّ اَللََّهُ لَفَسَدَتََا ؛ و قالَ عَمْرُو ابنُ مَعْدِيكرب:

و كلُّ أَخٍ مفارِقَة أَخُوه # لَعَمْرُ أَبِيكَ إلاَّ الفَرْقدانِ‌ [7]


[1] اللسان.

[2] سورة البقرة، الآية 249.

[3] سورة النساء، الآية 66.

[4] سورة آل عمران، الآية 135.

[5] سورة الأنبياء، الآية 22.

[6] ديوانه ص 638، و البيت من شواهد القاموس، و الشاهد 112 في مغني اللبيب ذكره مثالاً على المعرف الشبيه بالمنكر.

[7] الصحاح و اللسان و بدون نسبة في التهذيب و مغني اللبيب الشاهد 114 و التكملة قال الصاغاني: و هكذا أنشده سيبويه (الكتاب 1/ 371) لعمرو، و ليس له و إنما هو لحضرمي بن عامر بن مجمع بن مؤلة بن همام بن ضب بن كعب القين، و قبله:

و كل قرينة قرنت بأخرى # و إن ضنت بها ستفرقان.

اسم الکتاب : تاج العروس من جواهر القاموس المؤلف : المرتضى الزبيدي    الجزء : 20  صفحة : 371
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست