responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاج العروس من جواهر القاموس المؤلف : المرتضى الزبيدي    الجزء : 20  صفحة : 132

في كِلْتِ رِجْلَيْها سُلامى واحِدَة # كِلْتاهما مقْرُونَةٌ بزائِدَهْ‌ [1]

أَرادَ في إحْدَى رِجْلَيْهَا فأَفْرَدَ، قالَ: و هذا القولُ ضَعيفٌ عنْدَ أَهْلِ البَصْرةِ، لأنَّه لو كانَ مُثنَّى لوجَبَ أَنْ تَنْقلبَ أَلفُه في النصْبِ و الجرِّ ياءً مع الاسْم الظاهِر، و لأنَّ معْنى كِلاَ مخالفٌ لمعْنَى كلِّ، لأن كُلاًّ للإحاطَةِ و كِلا يدلُّ على شي‌ءٍ مَخْصوصٍ، و أمَّا هذا الرَّاجزُ فإنَّما حذَفَ الألفَ للضَّرورَةِ و قدَّرَ أنَّهَا زائِدَةٌ، و ما يكونُ ضَرُورَةً لا يجوزُ أَنْ يُجْعَل حُجَّة، فثَبَتَ أنَّه اسْمٌ مفردٌ كمِعًى إلاَّ أنّه وُضِعَ ليدلَّ على التَّثْنِية، كما أنَّ قولهم نحنُ اسْمٌ مفردٌ وُضِعَ ليدلُّ على الاثْنَيْن فما فَوْقَهما؛ يدلُّ على ذلكَ قولُ جريرٍ:

كِلا يَومَيْ أُمامَةَ يَوْمُ صَدٍّ # و إنْ لم نَأْتِها إلاَّ لِمَاما

أَنْشَدَنِيه أَبو عليٍّ فإنْ قالَ قائِلٌ فلِمَ صَارَ كِلا بالياءِ في الجرِّ و النّصْبِ مع المُضْمر و لزِمَتِ الألفُ مع المظهرِ كما لزمَتْ في الرَّفْع مع المُضْمر؟قيلَ له: قد كانَ مِن حقِّها أنْ تكونَ بالألفِ على كلِّ حالٍ مثْلُ عَصاً و مِعًى، إلاَّ أنَّها لما كانت لا تَنْفكّ عن الإضافَةِ شُبِّهَت بعَلَى و إلى ولَدَى، فجعلَتْ بالياءِ مع المُضْمرِ في النَّصْب و الجرِّ لأنَّ على لا تَقَعُ إلاَّ مَنْصوبة أَوْ مَجْرورةً و لا تُسْتَعْملُ مَرْفوعةً، فبَقِيَت كِلا في الرَّفْع على أَصْلِها في المُضْمِرِ، لأنّها لم تُشَبَّه بعَلَى في هذه الحالِ، و أمَّا كِلْتا التي للتَّأْنِيثِ فإنَّ سِيبويه يقولُ أَلِفُها للتَّأْنِيثِ و التاءُ بدلٌ من لامِ الفِعْلِ، و هي واو، و الأصْل كِلْوا ، و إنَّما أُبْدِلَتْ تاء لأنَّ في التاءِ علم التَّأْنِيثِ، و الألِفُ في كِلْتا قد تَصِير ياءً مع المُضْمَر فيخرجُ عن علم التَّأْنيثِ فصارَ في إبْدالِ الياءِ [2] تاء تأْكِيد للتّأْنِيثِ. و قالَ أَبو عُمر الجَرْمي: التاءُ مُلْحقةٌ، و الألفُ لامُ الفِعْل، و تَقْديرُها عنْدَه فِعْتَلٌ، و لو كانَ الأمْرُ كما زَعَمَ في النِّسْبَةِ إليه كِلْتَويٌّ ، و لما قالوا كِلَويٌّ و أسْقَطُوا التاءَ دلَّ أَنَّهم أَجْرُوها مُجْرَى التاءِ التي في أُخْتِ التي إذا نَسَبْتَ‌إليها قُلْت أَخَوِيٌّ، انتَهَى نَصّ الجَوْهرِي.

قالَ ابنُ برِّي في هذا المَوْضِع: كِلَويٌّ قياسٌ مِن النَّحْوِيِّين إذا سَمِّيْتَ بها رجُلاً، و ليسَ ذلكَ مَسْموعاً فيحتجُّ به على الجَرْمِي، انتَهَى.

و قال ابنُ سِيدَه في المُحْكم: كِلا كلمةٌ مَصُوغةٌ للدَّلالةِ على اثْنَيْن كما أنَّ كُلاًّ مَصُوغةٌ للدَّلالةِ على جميعٍ، و ليسَتْ كِلا مِن لَفْظ كلٍّ، كلٌّ صَحِيحَةٌ و كِلا مُعْتلةٌ، و يقالُ للاثْنَتَيْن‌ [3] كِلْتا ، و بهذه التاء حُكم على أنَّ ألِفَ كِلا مُنْقلبةٌ عن واوٍ لأنَّ بدل التاءِ من الواوِ أَكْثَر مِن بدلِها من الياءِ؛ و قولُ سِيْبَوَيْه: جَعَلُوا كِلا كمِعًى، لم يرد أنَّ ألفَ كِلا مُنْقلبةٌ عن ياءٍ كأَلِفِ مِعًى بدَلِيلِ قوْلِهم مِعْي‌ [4] ، و إنَّما أرادَ أنَّ أَلِفَها كأَلِفِها في اللّفظِ، لا أنَّ ما انْقَلَبَتْ عنه أَلِفَاهُما واحِد، فافْهَمْ. و لا دَلِيل لكَ في إمالَتِها على أنَّها من الياءِ لأنَّهم قد يُمِيلُون بناتَ الواوِ.

قالَ ابنُ جنِّي: أمَّا كِلْتا فذهَبَ سيبويه إلى أنَّها فِعْلَى بمنْزِلَةِ الذِّكْرى و الحِفْرَى، و أصْلُها كِلْوى ، فأُبْدِلَتِ الواوُ تاءً كما أُبْدِلَتْ في أُخْت و بنت، و الذي يدلُّ على أنَّ لامَ كِلْتا مُعْتلةٌ قوْلُهم في مذكّرِها كِلا ، و كِلا فِعْلٌ و لامُه مُعْتَلة بمنْزِلةِ لامِ حِجاً و رِضاً، و هُما من الواوِ، و لذا مثَّلها سيبويه بما اعْتلَّت لامه فقالَ: هي بمنْزلةِ شَرْوَى، و أمَّا أبو عُمر الجَرْمي فذَهَب إلى أنَّها فِعْتَلٌ، و خالَفَ سيبويه، و يشهدُ لفَسادِ هذا القوْلِ أنَّ التاءَ لا تكونُ عَلامَةَ تَأْنِيثِ الواحِدِ إلاّ و قَبْلها فَتْحة كطَلْحة و حَمْزة و قَائِمَة و قاعِدَة، أَوْ أَنْ يكونَ قَبْلها أَلفٌ كسِعْلاة و عِزْهاة، و لام كِلْتا ساكِنَةٌ كما تَرى، فهذا وَجْه؛ و آخَرُ عَلامَةَ التَّأْنِيثِ لا تكونُ أَبَداً وسَطاً إنَّما تكونُ آخِراً بلا مَحالَة؛ و كِلْتا اسْمٌ مُفْردٌ يفيدُ مَعْنى التَّثْنِيةِ بإجْماعِ البَصْرِيِّين، فلا يجوزُ أن يكونَ علامَةَ تَأْنِيثِهِ التاءُ و ما قَبْلها ساكِنٌ، و أَيْضاً فإنَّ فِعْتَلاً مِثالٌ لا يوجدُ في الكَلام، أَصْلاً فيُحْمَل هذا عليه؛ و إن سَمَّيت بكِلْتا رجُلاً لم تَصْرِفْه في قولِ سيبويه مَعْرفةً و نَكِرَةً، لأنَّ أَلِفَها للتَّأْنِيثِ بمنزِلتِها في ذِكْرَى، و تَصْرفُه نَكِرةً في قولِ أَبي


[1] اللسان و الصحاح.

[2] في الصحاح و اللسان: الواو.

[3] اللسان: الأنثيين.

[4] بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: معى، ضبطه بخطه بكسر الميم و سكون العين» و في اللسان: معيان.

اسم الکتاب : تاج العروس من جواهر القاموس المؤلف : المرتضى الزبيدي    الجزء : 20  صفحة : 132
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست