اسم الکتاب : تاج العروس من جواهر القاموس المؤلف : المرتضى الزبيدي الجزء : 11 صفحة : 9
و قالَ ابنُ السِّكِّيت: البِدْعَةُ : كُلُّ مُحْدَثَةٍ. و 16- في حَدِيثِ [1]
قِيَامِ رَمَضَانَ «نِعْمَت البِدْعَةُ هََذِه» . و قالَ ابنُ الأَثِيرِ: البِدْعَةُ بِدْعَتَانِ : بِدْعَةُ هُدًى، و بِدْعَةُ ضَلالٍ، فَمَا كانَ في خِلافِ ما أَمَرَ اللََّه به فهو في حَيِّزِ الذَّمِّ و الإِنْكَارِ، و ما كَانَ وَاقِعَاً تَحْتَ عُمُومِ ما نَدَبَ اللََّه إِلَيْهِ، و حَضَّ عَلَيْه، أَوْ رَسُولُه، فهو في حَيِّزِ المَدْحِ، و ما لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثَالٌ مَوْجُودٌ كنَوعٍ مِن الجُودِ و السَّخَاءِ، و فِعْلِ المَعْرُوفِ، فهو من الأَفْعَالِ المَحْمُودَةِ، و لا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذََلِكَ في خِلاَفِ مَا وَرَدَ الشَّرْعُ به، لأنَّ النَّبِيَّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم قد جَعَلَ له في ذََلِكَ ثَوَاباً، 14- فقالَ :
و 14- قال في ضِدِّهِ : «مَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئةً كَانَ عليهِ وِزْرُهَا و وِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا» . و ذََلِكَ إِذا كانَ في خِلافِ ما أَمَرَ اللََّه به و رَسُولُه، قال: «و من هََذِا النَّوْعِ قَوْلُ عُمَرَ رَضِيَ اللََّه تَعالَى عنه: «نِعْمَتِ البِدْعَةُ هََذِه» لمّا كانَتْ من أَفْعَالِ الخَيْرِ، و دَاخِلَةً في حَيِّز المَدْحِ سَمّاها بِدْعَةً و مَدَحَهَا، لإنَّ النَّبِيَّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم لَمْ يَسُنَّهَا لَهُمْ، و إِنَّمَا صَلاَّهَا لَيَالِيَ ثُمَّ تَرَكَهَا، و لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا، و لا جَمَعَ النّاسُ لَهَا، و لا كَانَتْ في زَمَنِ أَبِيِ بَكْرٍ رَضِيَ اللََّه عَنْه، و إِنَّمَا عُمَرُ جَمَعَ النّاسَ عَلَيْهَا و نَدَبَهُمْ إِلَيْهَا، فَبِهََذَا سَمّاهَا بِدْعَةً ، و هي على الحَقِيقَةِ سُنَّةٌ 14- لِقَوْلِه صلى اللّه عليه و آله و سلّم :
«عَلَيْكُمْ بسُنَّتَي و سُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِي» .
و 14- قَوْلُه صلى اللّه عليه و آله و سلّم : «اقْتَدُوا باللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي: أَبِي بَكْرٍ و عُمَرَ!» .
و عَلَى هََذا التَّأْوِيلِ يُحْمَلُ 14- الحَدِيثُ الآخَرُ : «كُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ » . إِنّمَا يُريدُ ما خَالَفَ أُصُولَ الشَّرِيعَةِ و لَمْ يُوَافِق السُّنِّةَ [2] ، و أَكْثَرُ ما يُسْتَعْمَلُ المُبْتَدِعُ عُرْفاً في الذَّمِّ.
فَقُلْتُ لِسَعْدٍ لا أَبَا لِأَبِيكُمُ # أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنِّي ابنُ فارس مَبْدُوعِ ؟
و هََذَا يُؤَيِّدُ ما في التَّكْمِلَة، و سَيَأْتِي ذََلِكَ لِلْجَوْهَرِيّ في «ى د ع» .
و بَدِعَ ، كفَرِحَ: سَمِنَ، عن الأَصْمَعِيّ، وَزْناً و مَعْنًى، و قد تَقَدَّمَ.
و بَدَع الشَّيْءَ كَمَنَعَهُ بَدْعاً : أَنْشَأَهُ و بَدَأَهُ، كابْتَدَعَهُ ، و مِنْه البَدِيعُ فِي أَسْمَائِه تَعالَى، كما سَبَقَ.
و قالَ ابنُ دُرَيْدٍ: بَدَعَ الرَّكِيَّةَ بَدْعاً : اسْتَنْبَطَها و أَحْدَثَها، و أَبْدَعَ و أَبْدَأَ بمَعْنًى وَاحِدٍ، و مِنْهُ البَدِيعُ في أَسمَائه تَعَالَى، و هو أَكْثَرُ مَنْ بَدَع ، كما يُقَالُ: المُبْدِىء، و قد تقدّم.
و أَبْدَعَ الشَّاعِرُ: أَتَى بالبَدِيعِ من القَوْلِ المُخْتَرَعِ على غَيْرِ مِثَالٍ سَابِقٍ.
و أَبْدَعَتْ به: الرَّاحِلَةُ: كَلَّتْ و عَطِبَتْ، عَنِ الكِسَائِيّ، أَو أَبْدَعَتْ به: ظَلَعَتْ أَوْ بَرَكَتْ في الطَّرِيقِ من هُزَال أَو دَاءٍ، أَوْ لا يَكُونُ الإِبْدَاعُ إلاَّ بظْلَعٍ، كما قالَهُ بَعْضُ الأَعْرَابِ.
و قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: لَيْسَ هََذا باخْتِلافٍ، و بَعْضَه شَبِيهُ بَعْضٍ.
قُلْتُ: و 16- في حَدِيثِ الهَدْيِ : «إِنْ هِىَ أَبْدَعَتْ » . أَي انْقَطَعَتْ عَنِ السَّيْر بكَلالٍ أَو ظَلَعٍ، كَأَنَّهُ جَعَلَ انْقِطاعَهَا عَمّا كانَتْ مُسْتَمِرَّةً عليه من مَادَّةِ [5] السَّيْرِ إِبْداعاً ، أَيْ إِنْشَاءَ أَمْرٍ خَارِجٍ عَمّا اعْتِيدَ مِنْهَا.
و قال اللِّحْيَانِيّ: يُقَالُ: أَبْدَعَ : فُلانٌ بفُلانٍ، إِذا فَظَع [6]
به، و خَذَلَهُ، و لَمْ يَقُمْ بحَاجَتِهِ، و لَمْ يَكُنْ عند ظَنِّه به، و هو مَجَازٌ.
و من المَجَازِ: قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: أَبْدَعَتْ حُجَّتُهُ. أَيْ بَطَلَتْ، و في الأَسَاسِ: ضَعُفَتْ.
و قالَ غَيْرُه: أَبْدَع بِرُّهُ بشُكْرِي، و قَصْدُهُ و إِيجابُه بوَصْفِي ، كَذا في العُبَابِ. و في اللِّسَان: فَضْلُهُ و إِيجَابُه بوَصْفِي: إِذا شَكَرَهُ عَلَى إِحْسَانِهِ إِلَيْهِ، مُعْتَرِفاً بأَنَّ شُكْرَهُ لا يَفِي بإِحْسَانِهِ.
[1] في اللسان و النهاية: و في حديث عمر رض في قيام رمضان.