اسم الکتاب : تاج العروس من جواهر القاموس المؤلف : المرتضى الزبيدي الجزء : 11 صفحة : 45
قال شَيْخُنَا: ثُمَّ إنَّ المُصَنِّف أطْلَق في التِّسْعِ اعْتِمَاداً على الشُّهْرَة بالكَسْرِ، فَلَمْ يَحْتَج إلَى ضَبْطِهَا، و في سُورَةِ ص: تِسْعٌ وَ تِسْعُونَ[1] بفَتْح التَّاءِ، و كَأَنَّهُم لَمَّا جاوَرَ التِّسْعُ الثَّمانَ و العَشْرَ قَصَدُوا مُنَاسَبتَه لِمَا فَوْقَه و لِمَا تَحْتَهُ فتَأَمَّلْ.
و التِّسْع أيْضاً، أي بالكَسْرِ: ظِمْءٌ من أظْمَاءِ الإِبِلِ، و هو أنْ تَرِدَ إلَى تِسْعَةِ أيّامٍ، و الإِبِلُ تَوَاسِعُ .
و التُّسْعُ ، بالضَّمِّ: جُزْءٌ من تِسْعَةٍ ، كالتَّسِيعِ ، كأَمِيرٍ، يَطَّرِدُ في جَمِيعِ هََذِه الكُسُورِ عنْدَ بَعْضِهِم. قَالَ شَمِرٌ: و لَمْ أسْمَعْ: التَّسِيع إلاَّ لِأَبِي زَيْدٍ. قُلْتُ: إلاَّ الثَّلِيث، فإِنَّهُ لَمْ يُسْمَع كما نَقَلَه الشَّرَفُ الدِّمْيَاطِيّ في المُعْجَمِ، عن ابنِ الأَنْبَارِيّ، قَالَ: فَمَنْ تَكَلَّم به أخْطَأَ، و قد تَقَدَّمَت الإِشَارَةُ إلَيْه في «ث ل ث» .
و التُّسَعُ ، كصُرَدٍ: اللَّيْلَةُ السَّابِعَةُ و الثامِنَةُ و التّاسِعَةُ من الشَّهْرِ و هي بَعْدَ النُّفَلَ، لأَنَّ آخِرَ لَيْلَةٍ منها هي التاسعة ، و قيل: هي اللَّيَالِي الثَّلاثُ مِنْ أوَّلِ الشَّهْرِ، و الأَوَّلُ أقْيَسُ.
و قال الأَزْهَرِيّ: العَرَبُ تَقُول في لَيالِي الشَّهْرِ: ثَلاثٌ غُرَرٌ، و بَعْدَهَا ثَلاثٌ نُفَلٌ، و بَعْدَهَا ثَلاثٌ تُسَعٌ ، سُمِّينَ تُسَعاً لِأَنَّ آخِرَتَهُنَّ اللَّيْلَةُ التاسِعَةُ ، كما قِيلَ لِثَلاثٍ بَعْدَهَا: ثَلاثٌ عُشَرٌ، لأَنَّ بَادِئَتَها اللَّيْلَةُ العاشِرَةُ.
و التّاسُوعاءُ : اليَوْمُ التاسِعُ من المُحَرَّمِ، و في الصّحاح:
قَبْلَ يَوْم عَاشُوراءَ، مُوَلَّدٌ، و نَصُّ الصّحاح: و أظُنُّه مُوَلَّداً.
و قالَ غَيْرُه: هو يَوْمُ عاشُورَاءَ. و قال الأَزْهَرِيُّ في 14- قَوْله صلى اللّه عليه و آله و سلم فِيما رَواهُ عَنْهُ ابنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا : «لَئِنْ بَقِيتُ إلَى قابِلٍ لأَصُومَنَّ التَّاسِعَ » . يَعْنِي يَوْمَ عاشُوراءَ، كأَنَّهُ تَأَوَّلَ فيه عِشْرَ الوِرْدِ، أنَّهَا تِسْعَةُ أيّامٍ، و العَرَبُ تَقُولُ: وَرَدْتُ الماءَ عِشْراً، يَعْنُونُ يوْمَ التَّاسِعِ ، و مِنْ ها هُنا قالُوا: عِشْرِين، و لم يَقُولُوا عِشْرَيْنِ [2] ، لأَنَّهم جَعَلُوا ثَمانِيةَ عَشَرَ يَوْماً عِشْرَين، و اليَوْمَ التَّاسِعَ عَشَرَ و المُكَمِّلَ عِشْرِينَ طائفةً من الوِرْدِ الثّالِثِ، فَجَمَعُوهُ بِذََلِكَ [2] .
و قال ابنُ بَرِّيّ: لا أحْسَبُهُم سَمَّوْا عَاشُوراء تاسُوعاءَ إلاَّعَلَى الأَظْماءِ نَحْوُ العِشْر، لِأَنَّ الإِبِلَ تَشْرَبُ في اليَوْمِ التّاسِعِ ، و كَذََلِكَ الخِمْسُ تَشْرَبُ في اليَوْمِ التّاسِعِ ، و كَذََلِكَ الخِمْسُ تَشْرَبُ في اليَوْمِ الرّابعِ. و قالَ ابْنُ الأَثِيرِ:
إنَّمَا قالَ ذََلِكَ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كَرَاهَةً لِمُوَافَقَةِ اليَهُودِ، فإنَّهُمْ كانُوا يَصُومُونَ عاشُوراءَ، و هو العَاشِرُ، فأَرَادَ أنْ يُخَالِفَهُمْ و يَصُومَ التّاسِعَ ، قال: و ظاهِرُ الحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى خِلافِ ما ذَكَرَهُ الأَزْهَرِيّ.
قُلتُ: و قد صَحَّحَ الصّاغَانِيُّ هََذا القَوْلَ: و المُرَادُ بظَاهِرِ الحَدِيثِ يَعْنِي حَدِيثَ ابنِ عَبّاسٍ المَذْكُورَ، 14- أنَّهُ قالَ حِينَ صامَ رَسُولُ اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يَوْمَ عاشُورَاءَ، و أمَرَ بصِيَامِهِ، قَالُوا: يَا رَسُولُ اللّه إنَّه يَوْمٌ تُعَظِّمُه اليَهُودُ و النَّصَارَى، فَقَالَ: فإِذا كانَ العام القابلُ صُمْنا اليَوْمَ التاسِعَ ، و فِي رِوَايَةٍ: «إنْ بَقِيتُ إلَى قَابِلٍ لأَصُومَنَّ تاسُوعاءَ » . أي فكَيْفَ يَعِدُ بصَوْمِ يَوْمٍ قد كَانَ يَصُومُه. فَتَأَمَّلْ.
و قَوْلُ الجَوْهَرِيِّ و غَيْرِه: إنَّه مُولَّدٌ، فيه نَظَرٌ، فإِنّ المُوَلَّدَ هو اللَّفْظُ الَّذِي يَنْطِقُ به غَيْرُ العَرَبِ من المُحْدَثِينَ، و هََذِه لَفْظَةٌ وَرَدَتْ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ، و قالَهَا النَّبِيُّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الَّذِي هو أفْصَحُ الخَلْقِ و أعْرَفُهُمْ بِأَنْوَاعِ الكَلامِ بوَحْيٍ مِن اللّه الحَقِّ، فَأَنَّى يُتَصَوَّرُ فِيها التَّوْلِيدُ، أوْ يَلْحَقُهَا التَّفْنِيدُ؟كما حَقّقَه شَيْخُنَا، و أشَرْنَا إلَيْه في مُقَدّمة الكِتَابِ.
و تَسَعَهُمْ ، كمَنَع و ضَرَبَ، الأَخِيرَةُ عن يُونُسَ، و علَى الأُولَى اقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ: أخَذَ تُسْعَ أمْوَالِهِمْ، أوْ كان تاسِعَهُمْ . ذَكَرَ الجَوْهَرِيُّ المَعْنَيَيْن، أوْ تَقُولُ: كانَ القَوْمٌ ثَمَانِيَةً فَتَسَعَهُمْ ، أيْ صَيَّرَهُمْ تِسْعَةً بنَفْسهِ ، أوْ كَانَ تَاسِعَهُمْ ، فَهُوَ تاسِعُ تِسْعَةٍ ، و تَاسِعُ ثَمَانِيَةٍ، و لا يَجُوزُ أنْ يُقَالَ: هو تاسِعٌ تِسْعَةً ، و لا رَابعٌ أرْبَعَةً، إنَّمَا يُقَال: رَابعُ أرْبَعَةٍ على الإِضَافَةِ، و لََكِنَّكَ تَقُولُ: رَابعٌ ثَلاثةً، هََذا قَوْلُ الفَرّاءِ و غَيْرِهِ من الحُذَّاقِ.
و أتْسَعُوا : كانُوا ثَمَانِيَةً، ف صارُوا تِسْعَةً ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ، و أيْضاً: وَرَدَتْ إبِلُهُمْ تِسْعاً ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ أيْضاً، أيْ وَرَدَتْ لتِسْعَةِ أيّامٍ و ثَمَانِي لَيَالٍ، فهم مُتْسِعُونَ .