responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاج العروس من جواهر القاموس المؤلف : المرتضى الزبيدي    الجزء : 11  صفحة : 329

الأَزْهَرِيُ‌ [1] : و الأَشبَه عِنْدِي قولُ الأَخْفَشِ. قال: و أَمّا عَلَى قَوْلِ الفَرّاءِ و المُبَرِّدِ فانْتِصَابُ قَوْلِهِ: «قَتْلَ أَخِيهِ» على إِفْضَاءِ الفِعْلِ إِليهِ، كأَنَّه قالَ: فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ ، أَي انْقادَتْ في قَتْلِ أَخِيهِ، و لِقَتْلِ أَخِيه، فحَذَفَ الخَافِضَ، و أَفْضَى الفِعْل إِليه، فنَصَبَه.

و اسْتَطَاعَ : أَطَاقَ‌ : نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، قال ابنُ بَرِّيّ: هو كما ذَكَرَ، إِلاَّ أَن الاسْتِطَاعَةَ للإِنْسَانِ خاصَّةٌ، و الإِطاقَةَ عامّةٌ، تَقُولُ: الجَمَلُ مُطِيقٌ لِحِمْلِه، و لا تَقُلْ: مُسْتَطِيعٌ . فهََذا الفَرْقُ ما بَيْنَهُمَا. قال: و يُقَال لِلفَرَسِ: صَبُورٌ على الحُضْرِ.

و الاسْتِطَاعَةُ: القُدْرَةُ على الشَّيْ‌ءِ، و قِيلَ: هي اسْتِفْعَالٌ من الطّاعَةِ . و في البَصائرِ للمُصَنِّفِ: الاسْتِطَاعَةُ ، أَصْلُه الاسْتِطْواعُ، فلما أُسْقِطَت الواوُ جُعِلَت الهاءُ بَدَلاً عنها.

و قال الرّاغِبُ: الاسْتِطَاعَةُ عِنْدَ المُحَقِّقِينَ: اسمٌ للمَعَانِي الَّتِي بها يَتَمَكَّنُ الإِنْسَانُ مِمَّا يُرِيدُه من إِحْدَاثِ الفِعْلِ، و هي أَرْبَعَةُ أَشيَاءَ: بِنْيَةٌ مَخْصُوصَةٌ للفَاعِلِ، و تَصَوُّرٌ للفِعْلِ، و مَادَّةٌ قابِلَةٌ لتَأْثِيرِه، و آلَةٌ إِنْ كان الفِعْلُ آليًّا، كالكِتَابَةِ فإِنَّ الكاتِبِ يَحْتَاجُ إِلى هََذِه الأَربَعَةِ في إِيجَادِه لِلْكِتابَةِ، و لذََلِكَ يُقَال: فُلانٌ غيرُ مُسْتَطِيعٍ للكِتَابَةِ: إِذا فَقَدَ وَاحِداً من هََذِه الأَرْبَعَةِ فَصَاعِداً؛ و يُضادُّه العَجْزُ، و هو أَن لا يَجِدَ أَحَدَ هََذِه الأَربَعَةِ فصَاعِداً، و مَتَى وَجَد هََذِه الأَربَعَةَ كُلَّها، فمُسْتَطِيعٌ مُطْلقاً، و متَى فَقَدَهَا فعاجزٌ مُطْلَقاً، و مَتَى وَجَدَ بَعْضَها دُونَ بَعْضٍ، فمُسْتَطِيعٌ مِن وَجْهٍ، عاجِزٌ مِنْ وَجْهٍ، و لأَنْ يُوصَفَ بالعَجْزِ أَوْلَى.

و الاسْتِطَاعَةُ أَخَصُّ من القُدْرَةِ. و قَوْلُه تعالَى: وَ لِلََّهِ عَلَى اَلنََّاسِ حِجُّ اَلْبَيْتِ مَنِ اِسْتَطََاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً [2] فإِنّهُ يَحْتَاجُ إِلى هََذِه الأَربَعَةِ، و 14- قولُه صلّى اللََّه عليه و سلّم : «الاسْتِطَاعَةُ الزّادُ و الرّاحِلَةُ» . فإِنّه بَيانٌ لما يُحْتَاجُ إِليهِ من الآلَةِ، و خَصَّه بالذِّكْرِ دُونَ الآخَر إِذْ كانَ مَعْلُوماً-من حَيْثُ العَقْلُ-مُقْتَضَى الشَّرْعِ، أَنَّ التَّكْلِيفَ من دُونِ تِلْك الأُخَرِ لا يَصِحُّ. و قولُه تَعَالَى: لَوِ اِسْتَطَعْنََا لَخَرَجْنََا مَعَكُمْ [3] فالإِشْارَةُ بالاسْتِطَاعَةِ هََهُنَا إِلى عَدَمِ الآلَةِ من المَالِ و الظَّهْرِ و نَحْوِه؛ و كذا قولُه عَزَّ و جَلَّ:

وَ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ اَلْمُحْصَنََاتِ [4] .

و قد يُقَالُ: فُلانٌ لا يَسْتَطِيعُ كذا، لمَا يَصْعُبُ عليهِ فِعْلُه، لعَدَمِ الرِّيَاضَةِ، و ذََلِكَ يَرْجِعُ إِلى افْتِقادِ الآلَةِ، و عَدَمِ التَّصَوُّرِ، و قد يَصِحُّ مَعَهُ التَّكْلِيفُ، و لا يَصِيرُ الإِنْسَانُ به مَعْذُوراً، و عَلَى هََذا الوَجْهِ قالَ اللََّه تَعَالَى: إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً* [5] و قولُه عَزَّ و جَلَّ: هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنََا مََائِدَةً مِنَ اَلسَّمََاءِ [6] فقد قِيلَ: إِنَّهُم قالُوا ذََلِكَ قبْلَ أَنْ قَوِيَتْ مَعْرِفَتُهُم باللََّه عَزَّ و جَلَّ، و قِيلَ: يَسْتَطِيعُ و يُطِيعُ بمَعْنًى وَاحِدِ، و مَعْنَاهُ: هَلْ يُجِيبُ. انتهى.

قلتُ: و قَرَأَ الكسائيّ: هَلْ تَسْتَطِيعُ رَبَّكَ بالتّاءِ و نَصْبِ الباءِ، أَي هَلْ تَسْتَدْعِي إِجابَتَه فِي أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنََا مََائِدَةً مِنَ اَلسَّمََاءِ .

و يُقَالُ‌ و في الصّحاحِ: و رُبَّمَا قالُوا: اسْطَاعَ يَسْطِيعُ ، و يَحْذِفُونَ التاءَ اسْتِثْقَالاً لها مع الطاءِ، و يَكْرَهُونَ إِدْغَام التّاءِ فِيها، فتُحَرَّكُ السينُ، و هِيَ لا تُحَرَّكُ أَبَداً. و قَرَأَ حَمْزَةُ ، كما في الصّحاحِ، و هو الزيَّاتُ، زادَ الصّاغَانِيُّ: غيْر خَلاّدٍ: فما اسْطَّاعُوا بالإِدْغامِ، فَجَمَعَ بينَ السّاكِنَيْنِ‌ ، قالَ الأَزْهَرِيُّ: قالَ الزَّجّاجُ: من قَرَأَ بهََذِه‌ [7] القِرَاءَةِ فهو لاَحِنٌ مُخْطِي‌ءٌ، زَعَمَ ذََلِكَ الخَلِيلُ و يُونُسُ و سِيبَوَيْهِ، و جَمِيعُ مَن يَقُولُ بقَوْلِهِمْ، و حُجَّتُهُم في ذََلِكَ أَنَّ السينَ ساكِنَةٌ، و إِذا أُدْغِمَت التّاءُ في الطّاءِ صارَتْ طاءً ساكِنَةً، و لا يُجْمَعُ بينَ سَاكِنَيْنِ.

قلت: و قَرَأْتُ في كِتَابِ الإِتْحاف لشيْخِ مَشَايِخِنا أَبِي العَبّاسِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الغَنِيِّ الدِّمْيَاطيِّ المُتَوَفَّى سنة أَلْف و مائَة و سِتَّةَ عَشَرَ ما نَصُّه: «و طَعْنُ الزَّجّاجِ و أَبِي عَلِيٍّ في هََذِه القِرَاءَةِ مِنْ حَيْثُ الجَمْعُ بينَ السّاكِنيْنِ مَرْدُودٌ بأَنَّهَا مُتَواتِرَةٌ، و الجَمْعُ بَيْنَهُمَا في مِثْلِ ذََلِكَ سائِغٌ جائزٌ مَسْمُوعٌ في مِثْلِه» . و قَرَأْتُ في كِتَابِ النَّشْرِ لابْنِ الجَزَرِيِّ ما


[1] نص عبارة التهذيب: و الأشبه عندي أن يكون معنى: طوّعت: سمّحت و سهلّت له نفسه قتل أخيه أي جعلت نفسه بهواها المردى قتل أخيه سهلاً و هوّنته.

[2] سورة آل عمران الآية 97.

[3] سورة التوبة الآية 42.

[4] سورة النساء الآية 25.

[5] سورة الكهف الآية 67.

[6] سورة المائدة الآية 112.

[7] عن التهذيب و بالأصل «هذه القراءة» .

اسم الکتاب : تاج العروس من جواهر القاموس المؤلف : المرتضى الزبيدي    الجزء : 11  صفحة : 329
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست