اسم الکتاب : تاج العروس من جواهر القاموس المؤلف : المرتضى الزبيدي الجزء : 11 صفحة : 265
قال ثَعْلَبٌ: هي الأَرْضُ تَنْصَدِعُ بالنَّبَاتِ، و هو مَجَازٌ.
و يُقَال: النّاسُ عَلَيْهِم صَدْعٌ واحِدٌ، أَي أَلْبٌ وَاحِدٌ، أَي مُجْتَمِعُون بالعَداوَةِ ، و كذََلك هُمْ وَعْلٌ عَليه، و ضِلَعٌ وَاحدٌ.
قاله أَبو زيدٍ.
و الصِّدْعُ ، بالكَسْرِ: الجَمَاعَةُ من النّاسِ ، عن ابْنِ عَبّادٍ.
و الصِّدْعُ : الشُّقَّةُ منَ الشَّيْءِ ، اسمٌ من صَدَعَ الشَّيْءَ صِدْعَيْن ، إِذا شَقَّه بنِصْفَيْنِ.
و الصِّدْعَة ، بهاءٍ: الصِّرْمَةُ مِنَ الإِبِلِ ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، و قالَ أَبُو زَيْد: الصِّرْمَةُ، و القِصْلَةُ، و الحُدْرَةُ: مَا بَيْنَ العَشَرةِ إِلى الأَرْبَعِينَ من الإِبِلِ، فإِذا بَلَغَتْ سِتِّينَ فهي الصِّدْعَةُ .
قلتُ: ففي هََذا إِزالَةُ الإِبهامِ عن مَعْنَى الصِّدْعَةِ ، و النَصُّ على كَمِّيَّتِهَا.
و الصِّدْعَةُ : الفِرْقَةُ من الغَنَمِ ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، يُقَال:
صَدَعْتُ الغَنَمَ صِدْعَتَيْنِ ، أَي فِرْقَتَيْنِ، كلُّ وَاحِدَةٍ منهما صِدْعَةٌ ، و قِيلَ: الصِّدْعَةُ : القِطْعَةُ من الغَنَم إِذا بَلَغَت سِتِّينَ، و قِيلَ: هو القَطِيعُ من الظِّبَاءِ و الغَنَمِ.
و الصِّدْعَةُ : النَّصْفُ من الشَّيْءِ المَشْقُوقِ نِصْفَيْنِ ، كُلُّ شقٍّ منهِ صِدْعَةٌ ، كالصَّدِيعِ، فِيهِمَا ، هََكَذَا بضميرِ التَّثْنِيَةِ في سائرِ النُّسَخِ، و الصَّوابُ: فيها، أَي في الثّلاثَةِ، فإِنّ الصَّدِيعَ يُطْلَقُ على الفِرْقَةِ من الغَنَمِ، و على الصِّرْمَةِ من الإِبِل، و عَلَى كُلِّ شيْءٍ يُشَقُّ نِصْفَيْنِ، فكُلُّ شِقٍّ منه صَدِيعٌ ، و الأَخِيرُ قد يَأْتِي أَيْضاً في سِيَاقِ المُصَنِّفِ فيما بَعْدُ، و لو اقْتَصَرَ عَلَى هََذا كانَ أَجْوَدَ، و شاهِدُ الصَّدِيعِ -بمَعْنَى الصِّرْمَةِ من الإِبِل-قولُ المَرّارِ بنِ سَعِيدٍ الفَقْعَسِيِّ:
إذا أَقْبَلْنَ هَاجِرَةً أَثارَتْ # من الأَظْلالِ إِجْلاً أَو صَدِيعَا
و قَوْلُه تعالَى: فَاصْدَعْ بِمََا تُؤْمَرُ[1] أَي: شُقَّ جَمَاعَاتِهِم بالتَّوْحِيدِ قالهُ ابن الأَعْرَابِيِ أَو مَعْنَاهُ اجْهَرْ بما تُؤْمَرُ، من صَدَعَ بالأَمْرِ، إِذا جَاهَرَ به. و قال مُجَاهِدٌ:
بالقُرْآنِ. أَو مَعْنَاه: أَظْهِرْ ما تُؤْمَرُ به، و لا تَخَفْ أَحَداً. من الصَّدِيعِ ، و هو الصُّبْحُ، قالَه أَبو إِسْحَاقَ، أَو من صَدَعْتُ الشَّيْءَ: أَظْهَرْتُه، و قال الفَرّاءُ: أَرادَ عزَّ و جَلَّ فاصْدَعْ بالأَمْرِ الّذِي أَظْهَرَ دِينَك، أَقامَ «ما» مُقَامَ المَصْدَرِ. أَو احْكُمْ بالحَقِّ. من صَدَعَ بالحَقِّ، إِذا تَكَلَّم به. و قِيل: افْصِلْ بالأَمْرِ ، نَقَلَه بعضُ المُفَسِّرِينَ، و قالَ الرّاغِبُ: أَي افْصِلْهُ، قالَ: و هو مُسْتَعَارٌ من صَدْعِ الأَجْسَامِ. أَو اقْصِدْ بما تُؤْمَرُ ، نَقَلَه ثَعْلَبٌ عن أَعرابِيٍّ كان يحضُرُ مَجْلِسَ ابنِ الأَعْرَابِي، و كان ابنُ الأَعْرَابِيِّ رُبَّمَا يَأْخُذُ عنه. أَو افْرُقْ بهِ بَيْنَ الحَقِّ و الباطِلِ ، نَقَلَه ابنُ عَرَفَةَ، و هو قَوْلُ مَعْمَر، و به فُسِّر قَوْلُ أَبِي ذُؤَيْبٍ يَصِفُ الحِمَارَ و الأُتُنَ:
فكَأَنَّهُنَّ رَبَابَةٌ و كأَنَّهُ # يَسَرٌ يُفِيضُ على القِدَاحِ و يَصْدَعُ [2]
أَي يُفَرِّقُ عَلى القِدَاحِ، أَي بالقِدَاح و قِيلَ: مَعْنَاه: يُبَيِّنُ بالحُكْمِ، و يُخْبِرُ بما يَجِيءُ، و به فُسِّرَ قَوْلُ جَرِيرٍ يَمْدَحُ يَزِيدَ بنَ عَبْدِ المَلِكِ:
هو الخَلِيفَة فارْضَوْا ما قَضَى لَكُمُ # بالحَقِّ يَصْدَعُ ، ما في قَوْلِهِ جَنَفُ
و قَال السُّهَيْلِيُّ في الرَّوْضِ في تَفْسِيرِ قَوْلهِ تَعَالَى:
فَاصْدَعْ بِمََا تُؤْمَرُ هُو مِنَ الصَّدِيعِ ، بمَعْنَى الفَجْرِ، شَبَّه الجَهْلَ بظُلْمَةِ اللَّيْلِ، و القُرْآنُ نُورٌ، فصَدَعَ به تِلْكَ الظُّلْمَةَ، كما يَصْدَعُ الفَجْرُ ظُلْمَةَ اللَّيْلِ.
و صَدَعَهُ ، كَمَنَعَه ، صَدْعاً : شَقَّهُ، أَو شَقَّهُ نِصْفَيْنِ، أَو شَقَّهُ و لم يَفْتَرِقْ ، فهي ثَلاثَةُ أَقْوَالٍ. و لا يَخْفَى أَنَّ الثّالِثَ هو عَيْنُ الأَوَّلِ، فهُمَا قَوْلاَنِ لا غَيْرُ.
و صَدَعَ فُلاناً: قصَدَه لِكَرَمهِ ، نَقَلَه ثَعْلَبٌ عن الأَعْرَابِيِّ الَّذِي كانَ يَحْضُرُ مَجْلِسَ ابنِ الأَعْرَابِيِّ، و به فُسِّرَتِ الآيَةُ، كما تَقَدَّمَ، و هو مَجَازٌ.
و صَدَعَ بالحَقِّ: تَكَلَّمَ به جِهَاراً مُفَرِّقاً بينَه و بَيْنَ الباطِلِ، و هُوَ مَجَازٌ، و به فُسِّرَت الآيَة، كما تَقَدَّم، و به فَسَّرَ أَيْضاً الخَلِيلُ قولَ أَبِي ذُؤَيْبٍ السّابِقَ، قال: يَصْدَعُ ، أَي يقُولُ بأَعْلَى صَوْتِه: فاز قِدْحُ فُلان، أَو هََذا قِدْحُ فُلانٍ.
و صَدَع بالأَمْرِ يَصْدَعُ صَدْعاً : أَصابَ بِهِ مَوْضِعَهُ، و جاهَرَ به.