اسم الکتاب : تاج العروس من جواهر القاموس المؤلف : المرتضى الزبيدي الجزء : 11 صفحة : 162
14- و المُرَيْسِيعُ ، مصغَّرُ مَرْسُوعٍ : بِئرٌ، أَو ماءٌ لخُزاعَةَ بناحِيَةِ قُدَيْدٍ، على مَسِيرَةِ يَوْمٍ من الفُرْعِ، و إِليه تُضافُ غَزْوَةُ بني المُصْطَلِقِ : قوم من خُزَاعَةَ تَجَمَّعُوا على هََذا الماءِ مُحَارَبَةً لرَسُولِ اللََّه صلّى اللََّه عليه و سلّم، و ذََلِكَ في ثَانِي شَعْبَانَ في السَّنَةِ الخامِسةِ [1] من الهِجْرَةِ، فخرجَ صلّى اللََّه عليه و سلّم، و مَعَهُ بَشَرٌ كَثِيرٌ، و ثلاثونَ فارِساً، و كانَ أَبُو بَكْرٍ رضِيَ اللََّهُ عنه حَامِلَ رَايَةِ المُهَاجِرِينَ، و سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ رَضِيَ اللََّه عنه حامِلَ رَايةِ الأَنْصَارِ، فحَمَلُوا على القَوْمِ حَمْلةً وَاحِدَةً، فقَتَلُوا منهم عَشَرةً، و أَسَرُوا سَائرَهُم، و غابَ ثمانِيَةً و عِشْرِينَ يوماً. و فيها سَقَطَ عِقْدُ عائِشَةَ ، رَضِيَ اللََّه عَنْهَا، و قِصَّةُ الإِفْكِ، و نَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ ، و النَّهْيُ عن العَزْلِ. على ما هُو مَشْرُوحٌ في كُتُبِ السِّيرِ و الحَدِيثِ.
و قالَ ابنُ السِّكِّيتِ: التَّرْسِيعُ : أَنْ تَخْرِقَ سَيْراً [2] ، ثمّ تُدْخِلَ فيه سَيْراً، كما تُسَوَّى سُيُورُ المَصَاحِفِ ، و اسْمُ السَّيْرِ المَفْعُولِ بهِ ذََلِكَ: الرَّسِيعُ ، و أَنْشَدَ:
و عَادَ الرَّسِيعُ نُهْيَةً للحَمائِلِ
و قد تَقَدّم.
*و ممّا يُسْتَدْرَكُ عليه:
رَسِعَ به الشَّيْءُ: لَزِق.
و رَسَّعَه تَرْسِيعاً : أَلْزَقَه.
و الرَّسِيعُ : المَلْزُوق.
و رَسَّعَ الصَّبِيَّ و غيرَه تَرْسِيعاً : لغةٌ في رَسَعَ ، كمَنَع.
و الرَّسَعُ ، مُحَرَّكةً: ما شُدَّ به.
و المِرْسَعُ ، كمِنْبَرٍ: الَّذِي انسَلَقَتْ عَيْنُه في السَّهَرِ.
و رَجُلٌ مُرَسِّعَةٌ ، كمُحَدِّثَةٍ: فَسَدَ مُوقُ عَيْنِه. قالَ امْرُؤ القَيْسِ-كما في الصِّحاح-و في العُبَابِ: هو ابنُ مالِكٍ الحِمْيَرِيُّ، كما قالَه الآمِدِيُّ، و ليس لابْنِ حُجْرٍ، كما وَقَعَ في دَوَاوِينِ شِعْرِه، و هو مَوْجُودٌ في أَشْعَارِ حِمْيَرَ:
أَيا هِنْدُ لا تَنْكِحِي بُوهَةً # عَلَيْهِ، عَقِيقَتُه أَحْسَبَا
لِيَجْعَلَ في رِجْلِهِ كَعْبَهَا # حِذَارَ المِنيَّةِ أَنْ يَعْطَبَا [3]
قالَ الجَوْهَرِيُّ: قوله: « مُرَسِّعَة » إِنَّمَا هو كقَوْلِكَ: رَجُلٌ هِلْباجَةٌ و فَقْفَاقَةٌ، أَو يكونُ ذَهَبَ بهِ إِلَى تَأْنِيثِ العَيْنِ؛ لأَنَّ التَّرْسِيعَ إِنّمَا يَكُونُ فِيها، كما يُقال: جاءَتْكُم القَصْماءُ لرَجُلٍ أَقْصَمِ الثَّنِيَّةِ، يُذْهَب بهِ إِلى سِنِّه، و إِنَّمَا خَصَّ الأَرْنَبَ بذََلِكَ، و قال: «حِذَارَ المَنِيّة» ، الخ، فإِنّه كان حَمْقَى الأَعْرَابِ [4] في الجَاهِلِيَّةِ يُعَلِّقُون كَعْبَها في الرِّجْلِ كالمَعاذَةِ، و يَزعُمون أَنَّ مَنْ عَلَّقَه لم تَضُرَّه عَيْنٌ و لا سِحْرٌ، لأَنَّ الجِنَّ تَمْتطِي الثَّعَالِبَ و الظِّباءَ و القَنَافِذَ، و تَجْتَنِبُ الأَرانِبَ، لمكانِ الحَيْضِ. يَقُول: هو مِنْ أُولََئكَ الحَمْقَى.
و البُوهَةُ: الأَحْمَقُ.
و قال السُّكَّرِيُّ، في شَرْحِ ديوان امْرِىءِ القَيْسِ:
و يُرْوَى: « مُرَسَّعَةٌ » كمُعَظَّمَة، و برَفْعِ الهاءِ، و هي تَمِيمَةٌ و هو أَنْ يُؤْخَذَ سَيْرٌ فيُخْرَقَ، و يُدْخَلَ فيه سَيْرٌ، فيُجْعَلَ في أَرْساغهِ؛ دَفْعاً لِلْعَيْنِ، فيَكُون على هََذا رَفْعُهُ بالابْتِداءِ، و «بَيْنَ أَرَساغِه» الخَبَر، قال ابنُ بَرِّيّ: و هي رِوَايَةُ الأَصْمَعِيِّ، و يُرْوى: «أَرْفاغِهِ» «و أَرْباقِه» ، «و أَرْساغِه» .
و قِيلَ: رَسَّعَ الرَّجُلُ تَرْسِيعاً : أَقامَ فلم يَبْرَحْ من مَنْزِلِهِ، و رَجُلٌ مُرَسِّعَةٌ : لا يَبْرَحُ من مَنْزلِةِ، زادُوا الهاءَ للمُبَالَغَةِ، و به فَسَّرَ بَعْضُهُم بيتَ امْرِىءِ القَيْسِ السابقَ.