أمّا الدليل الأوّل (و هو تيقن إرادة الخصوص و أولوية جعل اللفظ حقيقة في المتيقن)، ففيه: إن اريد من تيقن إرادة الخصوص إرادة الواضع له، فلا يفهم منه مفهوما محصلا. مضافا إلى أنّ سبب وضع الألفاظ احتياج أهل المحاورة إلى إفهام المرادات، فكما أنّ الاحتياج يوجب وضع اللفظ في الخصوص كذلك يوجب وضعه في العموم.
و إن اريد إرادة المتكلم، فهذا لا يثبت الحقيقة و لا يوجب وضع اللفظ في الخصوص. مضافا إلى أنّ الخصوص ليس له مفهوم واحد حتى يوضع له اللفظ، إذ الخصوص المراد بقولنا: «أكرم العلماء إلّا زيدا»، غير الخصوص المراد بقولنا: «إلّا عمروا».
و أمّا الدليل الثاني، ففيه: أنّ كثرة المجاز بعد وضع اللفظ في العموم غير موجبة لوضعه للخصوص إن كان الاستعمال في المعنى المجازي مع القرينة. مضافا إلى أنّه سيأتي أنّ الاستعمال في الخصوص لا يوجب مجازية الاستعمال، لعدم وجود ملازمة بين التخصيص و المجازية، كما لا يخفى.
و قد ظهر ممّا ذكر: أنّ الحق أنّ للعموم صيغ تخصه. و لا اعتناء بما ذكره النافي، لما قد أجبنا عنه. و اللّه تعالى أعلم.