لا يخفى عليك: أنّه و إن وقع النزاع بينهم في أنّ متعلق الطلب في النهي هل هو الكف [1]، أو مجرد الترك و أن لا يفعل [2]؟ و لكن لا وقع لهذا النزاع بعد ما حققنا معنى الأمر و النهي بأنّ مفاد النهي ليس الطلب حتى يأتي هذا النزاع بأنّه طلب الكف أو مجرد الترك، بل مفاده إنّما هو الزجر عن وجود الطبيعة.
و لا يمكن أن يقال: يصح جريان هذا النزاع من جهة الأمر بالنقيض الذي ينتزع من النهي، كما ذكر في مبحث الضد بالنسبة إلى الأمر [3]- في مقام بيان ملاك القول بعينية الأمر بالشيء للنهي عن ضده- بأنّه و إن كان حقيقة الأمر البعث إلى الوجود و لكن ينتزع منه النهي عن نقيضه و هو العدم، لا بمعنى أنّ هذا النهي مغاير للأمر و لا بمعنى عينيته للأمر بل هو متحد مع الأمر بنحو من أنحاء الاتحاد بحيث ينتزع العقل من الأمر ذلك و يحكم باتحادهما وجودا و حمل أحدهما على الآخر بالحمل الشائع الصناعي الذي ملاكه الاتحاد في الوجود، فالأمر يكون غير النهي المنتزع منه مفادا و مفهوما و متحدا معه مصداقا.
لأنّه يقال: و إن كان لا مانع من تصوير ذلك في النهي أيضا ببيان أنّ
[1]. المحصول في علم اصول الفقه 2: 302؛ شرح العضدي على مختصر ابن الحاجب: