فلو أتى بهذه المقدمة بزعم ترتب ذيها عليها فاتفق عدم ترتبه عليها فقد ارتكب فعلا محرما، و لكن حيث زعم انطباق الواجب عليها يكون معذورا و لا يعاقب عليه. كما أنّه لو لم يرتكب المقدمة مع علمه بتوقف ذيها عليها و ظهر فيما بعد أنّه لو فعلها أيضا لما ترتب ذو المقدمة عليها، فليس عليه شيء. نعم، هو متجر بتركه فعلا قطع بوجوبه [1].
و فيه: أنّه إن اريد بالموصلية أنّ للمقدمة فردان، أحدهما: ما يترتب عليه ذو المقدمة و تكون موصلة إليه. و الآخر: ما ليس كذلك. و قد تعلق الوجوب المطلق بالأوّل لا بنحو أن تكون الموصلية قيدا له و يكون متعلق الأمر مركبا من نفس المقدمة و موصليتها، بل الموصلية لا تكون إلّا عنوانا يشار بها إلى ذلك الفرد، فهذا يرجع إلى أنّ المقدمة التي تعلق بها الوجوب من قبل ذي المقدمة ليس إلّا ما يلزم من وجوده وجود ذي المقدمة و من عدمه عدمه، و هذا تفصيل بين السبب و غيره أي بين الأفعال التوليدية و غيرها، و قد تقدم فساد ذلك التفصيل [2].
و إن اريد بالموصلية أنّ الوجوب تعلق بجميع أفراد المقدمة لكن بقيد كونها موصلة و ترتب ذي المقدمة عليها، حتى يكون متعلق
و يمكن أن يقال بعدم رجوع هذا إلى التفصيل بين السبب و غيره، فإنّ السبب كما تقدم على اصطلاح الاصوليين هو المقتضي المؤثر في الوجود أي العلة التامة، و المراد بموصلية المقدمة ليس هذا المعنى، بل المراد وقوعها في طريق التوصل إلى ذي المقدمة و كونها من أجزاء العلة التامة التي ترتب عليها المعلول [منه دام ظله العالي].