اسم الکتاب : بحوث في علم الأصول المؤلف : الشيخ حسن عبد الساتر الجزء : 3 صفحة : 88
في نظر العقلاء و لا يترتب عليه أيّ أثر.
إذن جدية المعاملة ليست بالاعتبار فقط، بل بجدية الاعتبار، و لا يكون الاعتبار كذلك إلّا إذا قصد التسبب به إلى الإلزامات الفوقية. و بهذا يكون السبب بحسب ما تقتضيه هذه البيانات العقلائية، مكونا من ثلاثة عناصر، الإنشاء و الاعتبار و جدية الاعتبار.
و أمّا المسبّب فبحسب الحقيقة، هو ذاك المتسبّب إليه، و هو الإلزامات الفوقية، بمعنى أن المسبّب هو الجعل القانوني على طبق ما أراده المتعاملان و تسبّب إليه، سواء كان هذا الجعل من قبل الشارع الإلهي أو من قبل الشارع العقلائي.
فإذا اتضح ما هو السبب، و ما هو المسبب، يقع الكلام حينئذ في أن أسماء المعاملات هل هي أسماء للأسباب أو للمسبّبات؟.
و قد انقدح ممّا بيناه أنه لا تقابل بين السبب و المسبّب، بل أن كلا منهما فرد لمفهوم واحد و هو مفهوم التمليك بعوض، فالتمليك بعوض له فردان، أحدهما في أفق السبب و في أفق الشخص، و الآخر في أفق المسبّب و في أفق الشارع، فهذان فردان من مفهوم واحد، أحدهما موجود مباشري للمكلف، و الآخر موجود تسبيبي له، فبالإمكان أن يقال أن أسماء المعاملات موضوعة لذاك المفهوم المجرّد من خصوصية الوجود المباشري و خصوصية الوجود التسبيبي، فهي موضوعة لذات المفهوم المنطبق على الموجود المباشري و هو السبب، و المنطبق على الموجود التسبيبي و هو المسبّب، لوضوح ذلك وجدانا، حيث لا عناية في إطلاق لفظ البيع على السبب و المسبّب، لأنهما سنخان من الوجود لمفهوم واحد، بل يمكن أن يترقّى أكثر من ذلك، فيقال، بأنه بحسب النظر الواقعي العرفي، و إن كان السبب موجودا في أفق، و المسبّب في أفق آخر، فهما وجودان متغايران، لكن بالنظر العرفي الأداتي، يلحظ السبب بما هو أداة لإيجاد المسبّب، و بما هو فان في المسبّب، و بما هو إيجاد للمسبّب و إيجاد الشيء لا يزيد على ذلك الشيء بل هو عين وجوده.
اسم الکتاب : بحوث في علم الأصول المؤلف : الشيخ حسن عبد الساتر الجزء : 3 صفحة : 88