اسم الکتاب : بحوث في علم الأصول المؤلف : الشيخ حسن عبد الساتر الجزء : 3 صفحة : 204
إذن يمكن تعقل إمكان انحفاظ مفهوم وحداني تارة و بلحاظ يصح حمله على الذات، و تارة أخرى و بلحاظ آخر لا يصح حمله على الذات، فإن لوحظ حسب طبعه يصح حمله، لأنه موجود بعين وجود الذات خارجا، و إن لوحظ بعناية عالم التحليل، لا يصح حمله، لأن في عالم التحليل يحلل هذا الوجود الواحد إلى حصتين من الوجود، إحداهما مباينة للأخرى، و حينئذ لا يصح الحمل، مضافا إلى أن البرهان قائم على الالتزام بانحفاظ مفهوم وحداني في «شيء و شيئية» بحيث أن هذا المفهوم الوحداني، تارة و بلحاظ يصح حمله، و تارة أخرى و بلحاظ آخر لا يصح حمله بحسب عالم الخارج و عالم التحليل.
الاعتراض الثاني:
و هو أن ما قاله المحقق النائيني [1] من أن وجود العرض في نفسه هو عين وجوده لموضوعه، إن تمّ، فإنما يصح في الأعراض الحقيقية من قبيل البياض و السواد، و لا يصح في الأعراض الانتزاعية و المفاهيم الانتزاعية التي تنتزع من الماهيات و الأشياء من قبيل الزوجية و الإمكان و الوجوب، فإن المفاهيم الانتزاعية ليس لها وجود في الخارج، حتى يقال، بأن وجودها في نفسها عين وجودها في موضوعاتها، بل هذه المفاهيم الانتزاعية وجودها في نفسها غير ثابت أصلا.
و هذا الاعتراض لو تمّ، لكان هدما لمبنى المعارضة أنفسهم، لأنه بعد إبطال كلام الميرزا يقولون بأن مفهوم المشتق ليس متحدا مع مفهوم المصدر، بل هما مفهومان متباينان، و لهذا لم يصح حمل أحدهما و صح حمل الآخر، فصح حمل مفهوم «عالم» على الذات بملاك أن «عالم شيء له العلم»، و حينئذ يقال بأن «شيء» بنفسه مفهوم انتزاعي، فإذا لم يتصور نحو من الاتحاد بين المفاهيم الانتزاعية و مناشئ انتزاعها، إذن فكيف صح حمل سائر الأعراض على الذات بإدخال مفهوم الشيء الذي هو بنفسه مفهوم انتزاعي في المقام؟.