اسم الکتاب : بحوث في علم الأصول المؤلف : الشيخ حسن عبد الساتر الجزء : 3 صفحة : 156
و إن كانت حملية من قبيل «زيد عالم»، فتارة نفرض أن الذات كانت منعدمة حين صدور هذه الجملة و أخرى نفرض أنها موجودة، فإن كانت منعدمة، فمن الواضح أن الجري يكون بلحاظ زمن وجود الذات لا زمن النطق، لأن بلحاظ زمن النطق لا ذات أصلا، و أما إن كانت الذات موجودة حين صدور هذه الجملة، فحينئذ مقتضى أصالة الإطلاق هو كون الجري في زمان النطق، و لكن لا نقول بأن الغالب في زمان النطق هو انقضاء المبدأ، بل غالبا ما يكون زمان النطق مقارنا مع فعلية التلبس بالمبدإ، و حينئذ فأين كثرة الاستعمال في المنقضي بناء على الأعم كما ذكر صاحب الكفاية، فكلامه غير تام.
كما أن الإشكال المذكور على التبادر، و هو احتمال أن يكون ناشئا من كثرة الاستعمال، غير ضار في المقام، لأن معنى حصول التبادر من كثرة الاستعمال، هو أن العرف نقلوا المشتق من المعنى اللغوي الأعمي، إلى خصوص المتلبس، و هو معنى الوضع التعيّني، و عمل الفقيه هو تشخيص الوضع العرفي لا الوضع اللغوي.
الوجه الثاني:
أن يقال بأن الأوصاف الاشتقاقية لو كانت موضوعة للأعم للزم انتفاء التضاد بين زيد و عالم، إذ يصح أن يقال عن زيد أنه عالم باعتبار تلبسه بالعلم، و في نفس الوقت يصح أن يقال عنه أنه جاهل باعتباره كان متلبسا بالجهل، و معنى هذا أنه لا تضاد بين عالم و جاهل حيث وصف بهما شخص واحد في وقت واحد، مع أن الأوصاف الاشتقاقية المأخوذة من المبادئ المتضادة من قبيل العلم و الجهل، متضادة، فبهذا يتبين أن المشتق ليس موضوعا للأعم.
و هذا الاستدلال غير تام، لأنه، إن أريد بالاستدلال بالتضاد بين عالم و جاهل، الاستدلال على التضاد بينهما بسبب التضاد بين العلم و الجهل، فهو
اسم الکتاب : بحوث في علم الأصول المؤلف : الشيخ حسن عبد الساتر الجزء : 3 صفحة : 156