و سبب آخر أغاظ نفس هارون على الإمام (عليه السّلام) و دعاه الى اعتقاله، حتى و التخلص منه، تعيينه لفدك بأنها تشمل أكثر المناطق الإسلامية و ذلك حينما سأله هارون عنها ليرجعها إليه فلم يرض (عليه السّلام) إلا أن يأخذها بحدودها، فقال الرشيد:
- ما هذه الحدود؟ فقال (عليه السّلام): إن حددتها لم تردها لنا.
فأصرّ الرشيد عليه أن يبينها له قائلا: بحق جدك إلّا فعلت.
عند ذلك لم يجد الامام بدا من إجابته، فقال له:
«أما الحد الأول: فعدن فلما سمع الرشيد ذلك تغيّر وجهه.
و أما الحدّ الثاني: سمرقند. فأربد وجه الحاكم الظالم و استولت عليه موجة
[2] فدك: قرية في الحجاز على مراحل من المدينة جاء الاسلام و هي بأيدي اليهود و بعد فتح خيبر ألقى اللّه جلّ جلاله في قلوب أهلها الرعب فصالحوا النبي (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) على النصف من غلّاتها و نزل جبرائيل (عليه السّلام) بالآية الكريمة وَ آتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ ثم طلب من النبي (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) أن يعطي فدكا لفاطمة (عليهم السّلام) عوضا عن أموال أمها خديجة التي تمّ إنفاقها في سبيل الدعوة الاسلامية.
بقيت فدك بيد الزهراء عدة سنوات في حياة الرسول الأعظم (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) و هي تنفق ما يحصل منها على الفقراء دون أن تدّخر شيئا لنفسها أو لأهل بيتها.
و بعد وفاة الرسول (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) أخذها أبو بكر معتقدا أن أخذها يضعف جانب الامام علي (عليه السّلام) فطالبت الزهراء (عليها السّلام) باسترجاعها حتى انها خطبت في مسجد أبيها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) خطبتها المشهورة التي كادت تزلزل بالحاكمين.
و لقد عقد العلامة الكبير ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح نهج البلاغة فصلا مطولا عن فدك. و مما جاء فيه قال:
إني سألت علي ابن الفارقي- من علماء بغداد الكبار- هل كانت فاطمة صادقة في دعواها؟
قال: نعم. فقلت له: فلما ذا لم يرجع فدكا إليها؟
فقال: لو أرجعها لجاءت في اليوم الثاني و طلبت منه الخلافة.
اسم الکتاب : باب الحوائج الإمام موسى الكاظم(ع) المؤلف : حسين الحاج حسن الجزء : 1 صفحة : 254