اسم الکتاب : باب الحوائج الإمام موسى الكاظم(ع) المؤلف : حسين الحاج حسن الجزء : 1 صفحة : 14
قبل فلقب بذي الثفنات، و قد أدلى الفضل بن الربيع بحديث له عن عبادته (عليه السّلام) حينما كان سجينا في داره.
فما ذا نستطيع تعليل هذا الصبر؟ لم يكن سوى الايمان العميق باللّه تعالى، و التجرد من هذه الدنيا الفانية، و الاقبال على الدار الآخرة. حتى أن هارون الظالم بهر بما رآه من تقوى الإمام و كثرة عبادته، و تحمّله هذه الخطوب الثقيلة بصبر و هدوء. فقال متعجبا:
«إنه من رهبان بني هاشم»!!
و لما كان مسجونا (عليه السّلام) في بيت السندي بن شاهك و كل أوقاته عبادة و سجود، كانت عائلة السندي تطل عليه فترى هذه السيرة الزكيّة التي تحاكي سيرة الأنبياء، مما دفع شقيقة السندي إلى اعتناق فكرة الإمامة، و حفيد السندي من أعلام الشيعة في عصره إنها سيرة نبوية عريقة تملك القلوب و المشاعر، مترعة بجميع معاني النبل و الزهد و السمو و الاقبال على اللّه تعالى.
و هناك صفة أخرى من صفات شخصيته الكريمة، و هي الصمود في وجه الظلم و الطغيان، و انطلاقه في ميادين الجهاد المقدّس؛ فقد حمل لواء المعارضة على حكام عصره الطغاة الذين استباحوا جميع حرمات اللّه، و استبدوا بأرزاق الأمة و حقوقها الشرعية، و استهابوا بكرامة الإسلام، فبنوا حكمهم على الظلم و الجور و الاستبداد و ارغام الناس على ما يكرهون .. و من ثم كانت محنة أهل البيت (عليهم السّلام) الشاقة جدا فإنّهم بحكم موقعهم و دورهم القيادي الشرعي للأمة مسئولون عن رعايتها و صيانتها و انقاذها مما ألمّ بها من المحن الثقيلة، و الخطوب الجسام، فأعلنوا معارضتهم الايجابية تارة، و السلبية أخرى السياسية ملوك عصرهم، فذاقوا من جراء ذلك جميع ألوان الظلم و القهر و الاضطهاد، حتى انتهت حياتهم الكريمة ما بين مسموم و مسجون و مقتول، كل ذلك من أجل مصلحة المسلمين و إصلاح أمة جدهم الرسول الأكرم (صلّى اللّه عليه و آله و سلم)، و الانطلاق بالحكام إلى سياسة العدل الخالص، و تطبيق أحكام القرآن الكريم على واقع الحياة.
و قد تجلّى ذلك الصمود الفذ عند الإمام موسى بن جعفر (عليه السّلام) باصراره البالغ على شجب سياسة هارون الرشيد، و عدم الاعتراف بشرعية خلافته، فأصرّ
اسم الکتاب : باب الحوائج الإمام موسى الكاظم(ع) المؤلف : حسين الحاج حسن الجزء : 1 صفحة : 14