اسم الکتاب : أنوار النبي(ص) أسرارها و أنواعها المؤلف : المرسي، عبد الحق بن سبعين الجزء : 1 صفحة : 86
الْبَصِيرُ [الإسراء: 1] بها.
فالضمير في (إنّه) يعود عليه (صلى اللّه عليه و سلّم) كما هو المتبادر من الآية.
و ذكره الشيخ الأكبر في «فتوحاته» فقال: إنه أسري به فرأى الآيات، و سمع صريف الأقلام، فكان يرى الآيات و يسمع فيها ما حظه السماع، و هو الصوت انتهى.
و قال في حقّه أيضا: لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى [النجم: 18] يعني الآية الكبرى و هي حقيقته (عليه السّلام)؛ إذ لم يخلق اللّه آية هي أكبر منها و لا أفخر و لا أعجب، كيف و هو أول المخلوقات، و لأجلها و منها تفرعت الكائنات.
و قيل: معناه الآيات العظام: أي الآيات التي هي أكبر الآيات و أعظمها و أجلها، دفعا لما يتوهم من أنه إنما اطلع على الآيات الصغار، و كيف و هو أفضل الخلق و أكرمهم على اللّه تعالى، فالمناسب لقدره كبار الآيات لا صغارها، مما لم يكشف لأحد سواه (صلى اللّه عليه و سلّم).
فإنه لما أسري به أتته ملائكة السماوات فما فوقها خاضعة طائعة، و أظهر الكل الانقياد له و الدخول تحت حكمه و ولايته، و جاءت لدعوته الأشجار و الأحجار و الحيوانات العجم، و كلمته بلسانها و سجدت له، و انقادت لأمره.
أسرى به ليلا من المسجد الحرام الأدنى، و عرج به إلى السماوات، و زاد به إلى مقام قاب قوسين أو أدنى، فأوحى إلى عبده ما أوحى، و كلّمه كفاحا تكليما، و أمدّه من العلوم اللدنية و الكونية بما لا يخطر ببال أحد، و لا هو حاصل في أمنيته، و تممها بالقطرة التي قطرت على لسانه ليلة الإسراء من بحر العلم الأزلي، و بيده الكريمة التي وضعها بين كتفيه تتميما.
و أخرج عبد الرزاق و عبد بن حميد و الترمذي في التفسير في سورة (ص)، و اللفظ له و لأحمد و المروزي في كتاب «الصلاة» عن ابن عباس قال: قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلّم): «آتاني الليلة ربي»، و في رواية أحمد: «أتاني ربّي عزّ و جلّ اللّيلة في أحسن صورة- أحسبه يعني في المنام- قال كذا في الحديث و في رواية أحمد- أحسبه يعني في النّوم- فقال: يا محمّد هل تدري فيم يختصم الملأ؟ قال: قلت: لا».
اسم الکتاب : أنوار النبي(ص) أسرارها و أنواعها المؤلف : المرسي، عبد الحق بن سبعين الجزء : 1 صفحة : 86