اسم الکتاب : أنوار النبي(ص) أسرارها و أنواعها المؤلف : المرسي، عبد الحق بن سبعين الجزء : 1 صفحة : 84
ما نصه: و الإنسان الكامل و لو عرف أنه هو اللّه، و تحقّق بما تحقق به من الأسماء و الصفات، فإنه لا يبلغ غاية الكنه الذاتي، و لا يستوفيه بوجه من الوجوه.
و لهذا قال الصديق الأكبر: العجز عن الإدراك إدراك.
و قال سيد المقربين، و خاتم المرسلين: «لا أحصي ثناء عليك [1]».
و قال تعالى: وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ [الأنعام: 91] يعني المقربين و الكمّل، المحققين من الأنبياء و المرسلين، و من دونهم من الأولياء و الصديقين، و سائر المؤمنين و الكافرين جميعا ما قدروا اللّه حق قدره، بل هو فوق ما عرفوه، و قدره وراء ما قدروه فافهم. انتهى منه بلفظه.
و قال الشيخ الأكبر في شرحه لترجمان الأشواق:
كل من الخلق واقف خلف حجاب العزة الأحمى، و عند هذا الحجاب تنتهي علوم العالمين، و معرفة العارفين، و لا يصح لأحد أن يتعدّى هذا الحجاب و لو كان من أكابر الأحباب.
و قال سيدي علي بن وفا (رحمه اللّه): جلّت ذات الحق تعالى أن تدخل تحت إحاطة علم أو إدراك انتهى.
قلت: و ذكروا أن الحقيقة المحمدية من ورائها حجاب العزة، و هو حجاب الكبرياء و العظمة الذي لا ينخرق لأحد ثمة، و حينئذ فهما نوران حاجبان للخلق عن رؤية تجليات الحق: نور العزة الذي هو نور الكبرياء و العظمة، و نور الحقيقة المحمدية و هو الثاني.
و الحقيقة أيضا دونها حجب الأنوار، فلا مطمع لأحد في الوصول إليها، و لا في تخطي الحجب المشرفة عليها، و عليه فتجليات الحق تعالى له (صلى اللّه عليه و سلّم) كلها من وراء حجاب الكبرياء و العظمة، الذي هو وصف من أوصاف ذاته المعظمة.