اسم الکتاب : أصول الفقه مع تعليق زارعي السبزواري المؤلف : المظفر، الشيخ محمد رضا الجزء : 1 صفحة : 321
و كأنّ المسألة- فيما يبدو من عنوانها- من الأبحاث التافهة (1)؛ إذ لا يمكن أن نتصوّر النزاع في إمكان اجتماع الأمر و النهى في واحد حتى لو قلنا بعدم امتناع التكليف بالمحال، كما تقوله الأشاعرة؛ لأنّ التكليف هنا نفسه محال، و هو الأمر و النهي بشيء واحد. و امتناع ذلك من أوضح الواضحات، و هو محلّ وفاق بين الجميع.
إذن، فكيف صحّ هذا النزاع من القوم؟! و ما معناه؟
و الجواب أنّ التعبير باجتماع الأمر و النهي من خداع العناوين، فلا بدّ من توضيح مقصودهم من البحث بتوضيح الكلمات الواردة في هذا العنوان، و هي كلمة «الاجتماع، الواحد، الجواز». ثمّ ينبغي أن نبحث أيضا عن قيد آخر لتصحيح النزاع، و هو قيد «المندوحة» الذي أضافه بعض المؤلّفين (2)، و هو على حقّ. و عليه نقول:
1. «الاجتماع» و المقصود منه هو الالتقاء الاتفاقيّ بين المأمور به و المنهيّ عنه في شيء واحد. و لا يفرض ذلك إلّا حيث يفرض تعلّق الأمر بعنوان، و تعلّق النهي بعنوان آخر لا ربط له بالعنوان الأوّل، و لكن قد يتّفق نادرا أن يلتقي العنوانان في شيء واحد و يجتمعا فيه، و حينئذ يجتمع- أي يلتقي- الأمر و النهي.
و لكن هذا الاجتماع و الالتقاء بين العنوانين على نحوين:
أ- أن يكون اجتماعا مورديّا، يعني أن لا يكون هنا فعل واحد مطابقا لكلّ من العنوانين، بل يكون هنا فعلان تقارنا و تجاورا في وقت واحد، أحدهما يكون مطابقا لعنوان الواجب، و ثانيهما مطابقا لعنوان المحرّم، مثل النظر إلى الأجنبيّة في أثناء الصلاة، فلا النظر هو مطابق عنوان الصلاة و لا الصلاة مطابق عنوان النظر إلى الأجنبيّة، و لا هما ينطبقان على فعل واحد؛ فإنّ مثل هذا الاجتماع المورديّ لم يقل أحد بامتناعه، و ليس هو داخلا في مسألة الاجتماع هذه، فلو جمع المكلّف بينهما بأن نظر إلى الأجنبيّة في أثناء
[1]. تفه تفها: قلّ و خسّ. بالفارسيّة: «كم، ناچيز». و المراد منها «بىمزه».
[2]. أوّل من أخذ قيد «المندوحة» في محلّ النزاع هو المحقّق القميّ، و إن لم يصرّح به. راجع قوانين الأصول 1:
140 و 142 و 153.
و أوّل من صرّح بذلك هو صاحب الفصول، حيث قال: «و إن اختلفت الجهتان و كان للمكلّف مندوحة في الامتثال فهو موضع النزاع». الفصول الغرويّة: 124.
اسم الکتاب : أصول الفقه مع تعليق زارعي السبزواري المؤلف : المظفر، الشيخ محمد رضا الجزء : 1 صفحة : 321