اسم الکتاب : أصول الفقه مع تعليق زارعي السبزواري المؤلف : المظفر، الشيخ محمد رضا الجزء : 1 صفحة : 288
المتقدّم، و هذا الشوق بالنسبة إلى المقدّمة يتحوّل إلى الإرادة الحتميّة بالأمر، إذ لا مانع من البعث نحوها حينئذ، و المفروض أنّ وقتها قد حان فعلا، فلا بدّ أن يأمر بها فعلا. أمّا ذو المقدّمة فحسب الفرض لا يمكن البعث نحوه، و الأمر به قبل وقته؛ لعدم حصول ظرفه، فلا أمر قبل الوقت، و إن كان الشوق إلى الأمر به حاصل حينئذ، و لكن لا يبلغ مبلغ الفعليّة؛ لوجود المانع.
و الحاصل أنّ الشوق إلى ذي المقدّمة و الشوق إلى المقدّمة حاصلان قبل وقت ذي المقدّمة، و الشوق الثاني منبعث و منبثق من الشوق الأوّل، و لكنّ الشوق إلى المقدّمة يؤثّر أثره، و يصير إرادة حتميّة؛ لعدم وجود ما يمنع من الأمر، دون الشوق إلى ذي المقدّمة؛ لوجود المانع من الأمر.
و على هذا، فتجب المقدّمة المفوّتة قبل وجوب ذيها و لا محذور فيه، بل هو أمر لا بدّ منه، و لا يصحّ أن يقع غير ذلك.
و لا تستغرب ذلك، فإنّ هذا أمر مطّرد حتّى بالنسبة إلى أفعال الإنسان نفسه، فإنّه إذا اشتاق إلى فعل شيء اشتاق إلى مقدّماته تبعا، و لمّا كانت المقدّمات متقدّمة بالوجود زمانا على ذيها فإنّ الشوق إلى المقدّمات يشتدّ حتى يبلغ درجة الإرادة الحتميّة المحرّكة للعضلات فيفعلها، مع أنّ ذا المقدّمة لم يحن وقته بعد، و لم تحصل له الإرادة الحتميّة المحرّكة للعضلات، و إنّما يمكن أن تحصل له الإرادة الحتميّة إذا حان وقته بعد طيّ المقدّمات.
فإرادة الفاعل التكوينيّة للمقدّمة متقدّمة زمانا على إرادة ذيها، و على قياسها الإرادة التشريعيّة، فلا بدّ أن تحصل للمقدّمة المتقدّمة زمانا قبل أن تحصل لذيها المتأخّر زمانا، فيتقدّم الوجوب الفعليّ للمقدّمة على الوجوب الفعليّ لذيها زمانا، على العكس ممّا اشتهر و لا محذور فيه بل هو المتعيّن.
و هذا حال كلّ متقدّم بالنسبة إلى المتأخّر، فإنّ الشوق يصير شيئا فشيئا قصدا و إرادة، كما في الأفعال التدريجيّة الوجود (1).
[1]. انتهى ما أفاده المحقّق الأصفهانيّ في نهاية الدراية 1: 344- 348.
اسم الکتاب : أصول الفقه مع تعليق زارعي السبزواري المؤلف : المظفر، الشيخ محمد رضا الجزء : 1 صفحة : 288