اسم الکتاب : أصول الفقه مع تعليق زارعي السبزواري المؤلف : المظفر، الشيخ محمد رضا الجزء : 1 صفحة : 209
هذه المراتب، فتكون الآية مجملة في نفسها من هذه الناحية، و إن كانت مبيّنة بالأحاديث عن آل البيت (عليهم السّلام) الكاشفة عن إرادة القطع من أصول الأصابع.
و منها: قوله (صلّى اللّه عليه و آله): «لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب (1)» و أمثاله من المركّبات التي تشتمل على كلمة «لا» التي لنفي الجنس نحو: «لا صلاة إلّا بطهور (2)»، و «لا بيع إلّا في ملك (3)»، و «لا صلاة لمن جاره المسجد إلّا في المسجد (4)»، و «لا غيبة لفاسق (5)»، و «لا جماعة في نافلة (6)»، و نحو ذلك.
فإنّ النفي في مثل هذه المركّبات موجّه ظاهرا لنفس الماهيّة و الحقيقة، و قالوا: إنّ إرادة نفي الماهيّة متعذّر فيها، فلا بدّ أن يقدّر- بطريق المجاز- وصف للماهيّة هو المنفيّ حقيقة، نحو: الصحّة، و الكمال، و الفضيلة، و الفائدة، و نحو ذلك. و لمّا كان المجاز مردّدا بين عدّة معان، كان الكلام مجملا، و لا قرينة في نفس اللفظ تعيّن واحدا منها، فإنّ نفي الصحّة ليس بأولى من نفي الكمال أو الفضيلة، و لا نفي الكمال بأولى من نفي الفائدة ... و هكذا.
و أجاب بعضهم (7) بأنّ هذا إنّما يتمّ إذا كانت ألفاظ العبادات و المعاملات موضوعة للأعمّ، فلا يمكن فيها نفي الحقيقة.
و أمّا: إذا قلنا بالوضع للصحيح فلا يتعذّر نفي الحقيقة، بل هو المتعيّن على الأكثر، فلا إجمال.
و أمّا: في غير الألفاظ الشرعيّة مثل قولهم: «لا علم إلّا بعمل» فمع عدم القرينة يكون
[1]. هذا مفاد الروايات الواردة في باب وجوب قراءة فاتحة الكتاب في الصلاة. الوسائل 4: 732، الباب 1 من أبواب القراءة في الصلاة.
[2]. الوسائل 1: 256، الباب 1 من أبواب الوضوء، الحديث: 1 و 6.
[3]. و هذا مستفاد من الروايات الواردة في باب اشتراط كون المبيع مملوكا. الوسائل 2: 248- 249.
[4]. و هذا مفاد الروايات الدالّة على كراهة تأخّر جيران المسجد عنه. الوسائل 3: 478، الباب 2 من أبواب أحكام المسجد؛ و 5: 375- 377، الباب 2 من أبواب صلاة الجماعة.