responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أرجوزة في الفقه المؤلف : السبزواري، الملا هادي    الجزء : 1  صفحة : 386

الأرواح قبل الأجساد بألفي عام»، و لعلّ المراد ألف عام جبروتي، و ألف عام ملكوتي، و كلاهما قبل النشأة الناسوتيّة، فكلّ منها كان هناك طالبا و سائلا قابلا في هذا العالم الطبيعيّ يناسبه، و القوابل في هذا العالم أيضا تجاذبها و تقبلها على قدر استعداداتها و على حسب قابليّاتها، كما اشتهر أنّ العطيّات بقدر القابليّات، قال اللّه تعالى أَنْزَلَ مِنَ السَّمٰاءِ مٰاءً فَسٰالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهٰا [13/ 17]، فالحكيم العدل يعلّق الروح الطيّب الأزليّ بالنطفة المطهّرة التي كانت في الأصلاب الشامخة و الأرحام المطهّرة، و يعلّق الروح الخبيث الأزلي بالنطفة الخبيثة الّتي من الأصلاب الدنيّة القذرة في الأرحام النجسة الرجسة، المكوّنة على غير قانون الشرع، فالطيّبات للطيّبين و الخبيثات للخبيثين، فالكافر الأزلي و الجهنّمي السابقي في العلم القديم صار ولد الزنا، لا أن ولد الزنا صار كافرا و [1] جهنميّا بفعل الفاجرين، حتّى يظنّ أنّه خلاف العدل، فإنّه من أسوء الظنون وَ مَا اللّٰهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبٰادِ [40/ 31].

و هذا بوجه كما أنّك تريد في الشتاء أن تبني حديقة في الربيع جامعة مشتملة على أصناف الأشجار و الرياحين، فترتّب في علمك مواضعها، و تهيّئ موادّها المستدعية لها صورها، فتسمع قصب السكّر إنّه يستدعي مادّة تستدعي الحلاوة، و تسمع الحنظل إنّه يستدعي منك مادّة مستدعية للمرارة، و تسمع آخر أنّه يستدعي الحموضة، و آخر الحرافة، و بحسب الوضع أحدها يستدعي الاستقامة، و الآخر الاستدارة، و بحسب الموضع أحدها يستدعي الصدر أو الوسط في الحديقة، و الآخر العجز، فأنت إذا جاء الوقت أعطيت الحلو مادّة مناسبة تترتّب عليها الصورة النوعيّة و الآثار المطلوبة منها، و كذا المرّ و الحريف و الحامض و غيرها، و وضعت كلّا في موضعه اللائق به، كنت حكيما عدلا لم يكن جور في مشيئتك و لا حيف في قضيّتك.


[1] م:- و.

اسم الکتاب : أرجوزة في الفقه المؤلف : السبزواري، الملا هادي    الجزء : 1  صفحة : 386
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست