و السرّ في أنّ بتقصير يحلّ * * * أن سبع بهيمة منه انتقل
فإنّ الأشعار شعار الأعجم * * * كذلك الأظفار فلتقلّم
فحيثما وجوده تبدّلا * * * تصريفه في ملك حقّ حلّلا
(و السرّ في أنّ بتقصير يحلّ) أي يحصل الإحلال عن الإحرام للمحرم- و [1] اسم أنّ ضمير الشأن المحذوف كما لا يخفى- (أن سبع) و (بهيمة منه) أي من وجوده (انتقل)، ففي كلّ إنسان بهيميّة و سبعيّة و شيطنة و ملكيّة، قد ربطها اللّه تعالى بقدرته في رباط واحد، فإن كمل جانبي الشهوة و الغضب صار بحسب الباطن بهيمة و سبعا، و إنّ قويّ المكر و النكرى صار بحسب الباطن قلبه المسود المنكوس عشّ الشياطين، و إن شملته العناية و أصلح الجهة المقدّسة و رزق الطهارة و العصمة عن الخطأ في العلم و العمل بحسب ما تيسّر له- «فكلّ ميسّر لما خلق له» [2]- كان بحسب الباطن ملكا [3] علّاما أو عمّالا أو كليهما، مع تفاوت درجات كلّ في التماميّة و التوسّط و النقص، فالمحرم بالنيّات الشامخة و الأعمال الصالحة انتقل منهما و جعل التقصير علامته.
(فإنّ الأشعار شعار الأعجم) من الحيوانات، ألا ترى أنّ الإنسان من بين الحيوانات التامّة و كثير من الناقصة عريّ من [4] الأصواف و الأشعار و الأوبار، كما أنّه مستأثر من الجميع باستقامة القامة، (كذلك الأظفار) و المخالب و الأنياب العظام، (فلتقلّم، فحيثما وجوده تبدّلا) إذ صار نوريّا بما ذكر من النيّات و الأعمال و الأسرار و المعارف، بعد ما كان ظلمانيّا فحينئذ (تصريفه في ملك حقّ) جلّ شأنه (حلّلا).