فذاك- لا العرفان- جا مشتركا * * * ما كلّ ماش كلّ ممشى سلكا
معرفة تكون تفصيليّة * * * لا يتعاطي الكلّ، لا شأنيّة
هذه- لغناء السماء عنها و تنزّهها عن الشهوة و الغضب، و بهذه يتشبّهون بالبهائم و السباع، و يتشبّهون بالسماء بالنسك و العبادات.
قال بعض كبار الحكماء [1]: «صلّت السماء بدورانها، و الأرض برجحانها، و الماء بسيلانه، و المطر بهطلانه، و قد يصلّي له و لا يشعر، وَ لَذِكْرُ اللّٰهِ أَكْبَرُ [29/ 45]».
(فذاك) أي الإتيان بالصلاة- (- لا العرفان- جا مشتركا، ما)- نافية- (كلّ ماش) في (كلّ ممشى سلكا) يعني أنّ العرفان التامّ الّذي للإنسان الكامل الحقيقي- كالأنبياء الكاملين و الأولياء الهادين المهديّين، (سلام اللّه عليهم أجمعين)- لا يتيسّر للفلك مثلا، فإنّهم هياكل التوحيد و مظاهر كلّ الصفات و الأسماء، و ليس للفلك- بل للملك هذه الجامعيّة، فهو [2] مظهر اسم الجلالة، و غيره مظاهر الأسماء الحسنى الأخرى، و إذا كان آدم متعلّما من اللّه جميع أسمائه و معلّما للملك، كيف لا يكون معلّم الفلك.
و الدليل عليه أنّ نفس الفلك- ما دامت نفسه- حيّة بإحياء اللّه، متعلّقة بجسمه، مديرة لبدنه إدارة دائمة، و لا يتجرّد [3] و لا يرفض الجسد، بخلاف الإنسان الكامل، فإنّه يرفض البدن و ينفضّ عن ذيله غبار علائقه، بل يخلع القالب المثالي و يطرح الكونين، و يخرج عن الإقليمين، فانظر هذا [4] و ذاك أين! و إلى هذا يشير ما قلناه (معرفة تكون تفصيليّة، لا يتعاطي الكلّ، لا شأنيّة) لها [5].