بيانه أنّ الإنسان في أوّل الأمر طبع حادث جسمانيّ متبدّل الجوهر و الذّات على سبيل الاتّصال- باستكمال عقلية العمليّ و النظريّ- إلى الجوهر الباقي الروحانيّ العقليّ إلى ما شاء اللّه المتعال، فالطبع يصير نفسا، و النفس قلبا، و القلب روحا- و قس عليها سائر اللطائف.
لكن ليس معنى الصيرورة أن ينقلب أحدها [1] إلى الآخر- بأن ينقلب الجسم المادّي إلى الجوهر المجرّد- و لا بنحو التجافي لكلّ عن مقامه، كما أنّ النزول [2] ليس بنحو الانقلاب و لا بنحو التجافي، بل معناها أنّه بعد بلوغ كلّ إلى نصاب كماله يتّصل إلى أنزل مراتب الآخر، و الاتّصال ليس معنى إضافيّا، بل حقيقيّ، فلا مفصّل بين المراتب، و الاتّصال الوحداني مساوق للوحدة الشخصيّة، فلا تعدّد أشخاص، إنّما التميّز للمراتب ثابت، و التميّز غير التشخّص.
و الطبع الّذي قلنا «إنّه من مراتب الإنسان» إنّما هو الطبع اللابشرطيّ، و كذا النفس و القلب و غيرها- لا البشرط لائي، الّذي يؤخذ فقط و وحده- و إذا أخذ النفس- مثلا- بشرط لا، و الطبع لا بشرط، فتلك النفس ليست من مراتب الإنسان، و ذلك الطبع من مراتبه مع أنّها أشرف و هو أدون.
فالإنسان من أدون مراتبه الّتي لم يكن شيئا مذكورا- كما جمع [3] في الآية الشريفة [4] بين الإنسانية و نفي الشيئيّة المعتدّ بها المذكورة- إلى أعلى مراتبه الّذي بمشيئة اللّه تعالى: شخص واحد مع تبدّلاته الذاتيّة و استكمالاته الجوهريّة.
لا أنّ ذاته الّتي هي عقل بالقوّة و عقل منفعل مع ذاته الّتي هي عقل بالفعل أو عقل فعّال- مثلا- واحدة مرتبة و لم يستكمل في ذاته، و إنّما استكمل في صفاته فقط. و لا أنّ ذات النفس الجاهلة و ذات النفس الكلّية الحقّية [5] بحسب الجوهر واحدة، و التفاوت بحسب الأعراض و الصفات