وقد بحثت في القسم الأوّل مِن هذا الكتاب موضوع العدل وفضائله وأنواعه فراجعه هناك .
ب - الصلاح :
ينزع غالب الناس إلى تقليد الحكّام والعظماء تشبّهاً بهم ومحاكاةً لهم ، ورغبةً في جاههم ومكانتهم .
ولهذا وجَب اتّصاف الحاكم بالصلاح وحُسن الخُلُق وجمال السيرة والسلوك ليكون قدوةً صالحة ونموذجاً رفيعاً تستلهمه الرعيّة وتسير على هديه ومنهاجه .
وانحراف الحاكم وسوء أخلاقه وأفعاله يدفع غالب الرعيّة إلى الانحراف وزجّها في متاهات الغواية والضلال ، فيعجز الحاكم آنذاك عن ضبطها وتقويمها .
ونفسك فاحفظها مِن الغيّ والردى فمتى تغواها تغوي الذي بكَ يَقتدي
وفي التأريخ شواهدٌ جمّة على تأثّر الشعوب بحكّامها ، وانطباعها بأخلاقهم وسجاياهم حميدةً كانت أو ذميمة كما قيل : - الناس على دين ملوكهم .
ج - الرفق :
ويجدر بالحاكم أنْ يسوس الرعيّة بالرفق وحُسن الرعاية ، ويتفادى سياسة العُنف والإرهاب ، فليس شيءٌ أضرّ بسمعة الحاكم وزعزعة كيانه مِن الاستبداد والطغيان .
وليس شيءٌ أضرّ بالرعيّة ، وأدعى إلى إذلالها وتخلّفها مِن أنْ تُساس بالقسوة والاضطهاد .
فعن أبي جعفر (عليه السلام) قال : ( قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله)إنّ الرفق لم يوضع على شيء إلاّ زانه ، ولا نُزِع مِن شيءٍ إلاّ شانه )[1].
[1] الوافي ج 3 ص 86 عن الكافي .