اسم الکتاب : أخلاق أهل البيت المؤلف : الصدر، السيد مهدي الجزء : 1 صفحة : 14
وحسبنا أنْ نذكر ما أصابه مِن قريش ، فقد تألّبت عليه ، وجرّعته ألوان الغُصَص ، حتّى اضطرته الى مغادرة أهله وبلاده ، فلمّا نصره اللّه عليهم ، وأظفره بهم ، لم يشكّوا أنّه سيثأر منهم ، وينكّل بهم ، فما زاد أنْ قال لهم : ( ما تقولون إنّي فاعل بكم ؟ !) قالوا : خيراً ، أخٌ كريم وابن أخٍ كريم . فقال : ( أقول كما قال أخي يوسف : لا تثريب عليكم ، اذهبوا فأنتم الطلقاء ) .
وجاء عن أنَس قال : كنت مع النبيّ (صلى الله عليه وآله)وعليه بُردٌ غليظ الحاشية ، فجذَبه أعرابي بردائه جذبةً شديدة ، حتّى أثّرت حاشية البُرد في صفحة عاتقه ، ثُم قال : يا محمّد ، احمل لي على بعيرَيّ هذَين مِن مال اللّه الذي عندك ، فإنّك لا تحمل لي مِن مالك ، ولا مال أبيك . فسكَت النبيّ (صلى الله عليه وآله)ثُمّ قال : ( المال مال اللّه ، وأنا عبده ) .
ثُمّ قال : ( ويُقاد منك يا أعرابي ما فعلت بي ؟!) قال : لا . قال : ( لِمَ ؟ ) ، قال : لأنّك لا تكافئ بالسيّئة السيّئة . فضحك النبيّ ، ثُمّ أمَر أنْ يحمل له على بعير شعيراً ، وعلى الآخر تمراً[1] .
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال : ( إنّ يهوديّاً كان له على رسول اللّه (صلى الله عليه وآله)دنانير ، فتقاضاه ، فقال له : يا يهودي ، ما عندي ما أعطيك . فقال : فإنّي لا أفارقك يا محمّد ، حتى تقضيني . فقال : إذن أجلس معك ، فجلس معه حتّى صلّى في ذلك الموضع الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والغداة ، وكان أصحاب رسول اللّه يتهدَّدونه