و خبر سفيان بن عيينة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: (عليكم بالنصح لله في خلقه؛ فلن تلقاه بعمل أفضل منه) [1]، و خبر عطاء بن يزيد عن تميم قال: (قال رسول الله (صلّى الله عليه و آله و سلم): الدين النصيحة، قال: لمن يا رسول الله (صلّى الله عليه و آله و سلم)؟ قال لله و لرسوله و لأئمة الدين و لجماعة المسلمين) [2]، إلى غير ذلك من الأخبار الدالة على وجوب نصيحة المؤمن مع السبق بالاستشارة و عدمه، و دعوى ظهورها في سبق الاستشارة كما ترى.
سابعها: عدّ بعض أصحابنا من المستثنيات نصح المستشير؛
للأخبار المتقدمة و لما رواه عمر بن يزيد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (من استشار أخاه فلم يمحضه محض الرأي سلبه الله عز و جل رأيه) [3]، و لقول النبي (صلّى الله عليه و آله و سلم) لفاطمة بنت قيس لما شاورته في خُطّابها: (معاوية صعلوك لا مال له، و أبو الجهم لا يضع العصا عن عاتقه) [4]، قال بعض المعاصرين قلت: لعل هذا و سابقه راجع إلى نصح المؤمن الذي أُمر به في النصوص من غير فرق بين سبق الاستشارة و عدمها. لكن التعارض بين ما دل على حرمة الغيبة و بينها من وجه، و لعل الترجيح لها، إلا أنه على إطلاقه لا يخلو من إشكال. فالمتجه مراعاة الميزان في الموضوعات مع المحافظة على مقدار ما يتوقف عليه النصح من غير تعدٍّ و تجاوز، بل يمكن عند التأمل عدم كون ذلك من التعارض في الأدلة، و إلا فمقتضى ذلك التعارض بين أدلة المستحبات و المباحات و أدلة المحرمات. و من هنا كان المتجه الاقتصار في هذا الباب على خصوص ما جرت السيرة به و ما دلت عليه الأدلة المخصوصة لا مطلقا و إن أوهمته بعض العبارات استنادا إلى ما ورد في نصح المؤمن المعلوم كونه من قبيل ما ورد في قضاء حاجة