responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام المتاجر المحرمة المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ مهدي    الجزء : 1  صفحة : 129

فان قلت كيف يصح ان يقال (لا يستمع) لشيء من أهل الارض و هو يقال سامع لكل مسموع؟ قلت: معناه لا يتقبل، على حد قولك: خاطبته بكلام فلم يسمعه، و هذا كلام لا اسمعه، و هذا الخبر لا دلالة فيه على جواز التغني؛ للفرق الواضح بين الصوت الحسن و بين الغناء، و أما الخبران الاولان فيحتمل فيهما وجوه:

أحدها: ان المراد من قوله (من لم يتغن) من لم يستغن و هذا كثير في شعر العرب، نظيره قال الأعشى [1]:

و كنتُ امرأً زمنا بالعراقْ * * * عفيفَ المناخ طويل التَّغنّ

و قال الآخر [2]:

كلانا غنيٌ عن اخيه حياته * * * و نحن إذا متنا أشد تغانيا

و يؤيد ذلك ما روي عن ابن مسعود انه قال: (من قرأ سورة عمران فهو غني) [3]، و في حديث آخر (نعم كنز الصعلوك سورة آل عمران يقوم بها في آخر الليل) [4]، و ما روي عن النبي (صلّى الله عليه و آله و سلم) أنه قال: (لا ينبغي لحامل القرآن أن يظن أن أحداً أعطي أفضل مما أعطي لأنه لو ملك الدنيا بأسرها كان القرآن أفضل مما ملكه) [5].

ثانيها: المراد بقوله (من لم يتغنَّ) [6] من لم يستعذب و يستحل و يتلذذ، فمن لم يتلذذ بالقرآن- كما أن أهل الطرب يتلذذون بالغناء- فليس منا، و سمى ذلك تغنيا لمشابهته الغناء في أن كل منهما صوت يتلذذ به.

ثالثها: المراد من التغني المقام من قبيل قولهم: غني الرجل بالمقام إذا طال مقامه به و منه المغنى و المغاني و منها قوله تعالى: (كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا)* [7] أي لم يقيموا فيها


[1] الأعشى، ديوان الأعشى، 25.

[2] هو المغيرة بن حبناء التميمي، ابن سلام، غريب الحديث، 2/ 172.

[3] الدارمي، سنن الدارمي، 2/ 452، باختلاف قليل في الألفاظ.

[4] المصدر نفسه، 2/ 453.

[5] السيد المرتضى، الامالي، 1/ 24.

[6] البيهقي، السنن الكبرى، 10/ 231.

[7] الأعراف/ 92.

اسم الکتاب : أحكام المتاجر المحرمة المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ مهدي    الجزء : 1  صفحة : 129
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست