للأربعة، و الرطوبة مثلا للماء و الضوء مثلا للشمس و هكذا. نعم، إنّ العقل يدرك لزوم متابعته [1].
و ليعلم أنّ طريقيّة القطع و حجّيّته بنفسه و عدم إمكان وصول يد الجعل إليه مطلقا هو في مقابل حجّيّة الأمارات الشرعيّة، فإنّها تفيد الظنّ المعتبر بجعل الشارع كما سيصرّح به المصنّف (رحمه اللّه) عند قوله: «إنّ العلم طريق بنفسه، و الظنّ المعتبر طريق بجعل الشارع ...» [2].
و هذا قد أوضحه المحقّق النائينيّ (رحمه اللّه) فقال: «و هذا الوجوب ليس وجوبا شرعيّا؛ لأنّ طريقيّة القطع ذاتيّة له لا تنالها يد التشريع؛ إذ لا معنى لتشريع ما هو حاصل بذاته و منجعل بنفسه- إلى أن قال-: فإنّها من لوازم ذات القطع كزوجيّة الأربعة، بل بوجه يصحّ أن يقال: إنّها عين القطع، و ما يكون شأنه ذلك كيف يصحّ أن تناله يد الجعل التشريعيّ!- إلى أن قال-: و إلّا لزم التسلسل [3]. و ممّا ذكرنا يعلم: أنّ نفي الطريقيّة و الحجّيّة عن القطع أيضا لا يعقل؛ إذ لا يمكن شرعا سلب ما
[3] أقول: تقريب التسلسل هنا أنّ طريقيّة كلّ شيء بالقطع، و طريقيّة القطع لو لم يكن ذاتيّة في إراءته الواقعيّات و يحتاج إلى شيء آخر، لزم منه ذلك، أي التسلسل و هذا قد أوضحه بعض تلامذة المصنّف (رحمه اللّه) حيث قال: «أنّه لو كانت حجّيّة القطع متوقّفة على ثبوتها من الشارع أو العقل، و لم تكن من مقتضيات ذاته، لزم التسلسل و هو معلوم البطلان، بيان الملازمة: أنّ كلّ ما يقوم من البرهان على حجّيّة القطع، فغاية ما يحصل منه القطع بحجّيّة القطع، فينقل الكلام بالنسبة إلى القطع الحاصل منه، و هكذا هلم جرّا فيلزم ما ذكرناه من التسلسل» (قلائد الفرائد 1: 37).