و بعبارة اخرى: إنّ لازم القول بعدم وجوب الاحتياط شرعا جواز الأخذ بالاحتياط [1] و الرخصة في ترك العمل بالظنّ [2] و لو مع التمكّن من تحصيله تفصيلا، مع أنّ المحقّق القمّيّ (رحمه اللّه) حكم فيه بتقديم الامتثال الظنّيّ التفصيليّ بالظنّ المطلق على الاحتياط و الامتثال العلميّ الإجماليّ [3]، و لذا تعجّب منه المصنّف (رحمه اللّه) و قال: «و العجب ممّن يعمل بالأمارات من باب الظنّ المطلق ...» [4].
[3] راجع قوانين الاصول 2: 144. يناسب الرجوع إلى مبحث الانسداد للردّ على المحقّق القمّيّ (رحمه اللّه)، انظر فرائد الاصول 1: 419.
[4] أقول: استبعد المحقّق النائينيّ (رحمه اللّه) تعجّب المصنّف (رحمه اللّه) و قال: «و الإنصاف: أنّ تعجّب الشيخ ليس في محلّه، فإنّ المحقّق القمّيّ (رحمه اللّه) من القائلين بالكشف، فيكون حال الظنّ حال العلم [أي حجّيّة الظنّ المكشوف شرعا بمنزلة العلم التفصيليّ، تعبّدا] ...» (فوائد الاصول 3: 71)، ثمّ لا يخفى قد دفع الاستبعاد المذكور بعض محشّي الكفاية و قال (رحمه اللّه): «بطلان الاحتياط هو مبنى الكشف، كما أنّ عدم وجوبه مبنى الحكومة، فتعيّن الامتثال الظنّيّ المترتّب على بطلان الاحتياط إنّما هو على الكشف دون الحكومة؛ إذ المفروض جواز الاحتياط عليها، لا بطلانه. و من هنا يظهر: أنّ تعجّب الشيخ الأعظم (قدّس سرّه) من ذهاب من يعمل بالطرق و الأمارات من باب الظنّ المطلق إلى تقديم الامتثال الظنّيّ على الاحتياطيّ في محلّه؛ لأنّ حجّيّة الظنّ كشفا متوقّفة على بطلان الاحتياط لا جوازه، بخلاف حجّيّته على الحكومة؛ لجواز الاحتياط عليها، فتقديم الامتثال الظنّيّ عليه- بناء على الحكومة- لا يخلو من التعجّب؛ إذ لا منشأ لتقديمه عليه بعد فرض جواز الاحتياط أيضا. نعم، لو كان تعجّبه (قدّس سرّه) ناشئا من مجرّد العمل بالظنّ المطلق- و لو على الحكومة- لم يكن في محلّه».