و أظهر من ذلك: ما لو جزم بوجوب قتل نبيّ أو وصيّ، فتجرّى [1] و لم يقتله.
أ لا ترى [2]: أنّ المولى الحكيم إذا أمر عبده بقتل عدوّ له، فصادف العبد ابنه و زعمه ذلك العدوّ فتجرّى و لم يقتله، أنّ المولى إذا اطّلع على حاله لا يذمّه على هذا التجرّي، بل يرضى به و إن كان معذورا لو فعل. و كذا لو نصب له طريقا غير القطع إلى معرفة عدوّه [3]، فأدّى الطريق إلى تعيين ابنه فتجرّى و لم يفعل.
و هذا الاحتمال [4] حيث يتحقّق عند المتجرّي لا يجديه إن لم يصادف الواقع؛
[1] إشارة إلى شاهد آخر لإثبات عدم قبح التجرّي و عدم استحقاق المتجرّي العقوبة، و وجه الأظهريّة كون الواجب التوصّليّ هنا أقوى مناطا عن الواجب التوصّليّ في المثال المتقدّم، و هو واضح ظاهر جدّا.
[2] هذا الفعل له مفعولان: أحدهما جملة: «أنّ المولى الحكيم ...» و ثانيهما جملة: «أنّ المولى إذا اطّلع ...».
[3] أي و كذلك لا يقبح التجرّي و لا يذمّ المتجرّي عند ما يوظّفه مولاه بمتابعة شهادة عدلين مثلا في معرفة عدوّه، فإنّ العبد بمجرّد انطباق شهادتهما على العدوّ و إن وجب عليه الامتثال و الإقدام بقتل المشهود به- كما هو شأن جميع الطرق المنصوبة من قبل المولى- لكنّه إذا تجرّى و لم يقتله و اتّفق مصادفته لابن مولاه واقعا لا يذمّه أحد، بل يرضى عنه المولى قطعا، و لا نعني من غلبة المصلحة الواقعيّة على المفسدة الظاهريّة إلّا هذا.
[4] يعني احتمال الخطأ، أي احتمال مخالفة الطريق المنصوب الواقع و عدم إصابته إيّاه.