اسم الکتاب : النعيم المقيم لعترة النبأ العظيم المؤلف : الموصلي، شرف الدين الجزء : 1 صفحة : 40
و ترك القبيح لينتهى عنه، ربما تبسم، و يعود المريض، و يقول: «اذهب البأس رب الناس، اشف أنت الشافي و لا شفاء إلّا شفاؤك» [1] و يشهد الجنائز، و يأتي دعوة الكهول، لا يغلق دونه الأبواب، و لا يقوم دونه الحجّاب، يجلس على الأرض، و يضع طعامه على الأرض، يلبس الشملة، و يركب الحمار بخطام من ليف، و يردف عبده، و يلعق يده، و لا يقطع على أحد حديثه، و يقول: «إذا رأيتم طالب حاجة فأرفدوه» [2].
و لا يجذب يده قبل مصافحه، و لا يكمش عنه أولا، يخدم نفسه، و يغسل ثوبه، و يحلب شاته، و إذا تكلم تكلم ثلاثا، و قال: «لو دعيت إلى كراع لأجبت، و لو أهدي إلي ذراع لقبلت» [3] و عاد يهوديا فأسلم، و قال: الحمد للّه الذي أنقذني من النار. و كشف الصحابة بطونهم عن حجر، فكشف عن حجرين، و قال: «ما لي و للدنيا ما مثلي و مثل الدنيا إلّا كمثل راكب سائر في يوم صائف فنزل في ظل شجرة حتى إذا أبرد راح و تركها» [4]، و كان يقول: «الجوع من سنن المرسلين». و قال حسان:
نجوع فإن الجوع من علم التقى * * * و إنّ طويل الجوع يوما سيشبع
و كان أشد حياء من عذراء في خدرها، و كان عليه برد بحراني غليظ فجذبه أعرابي حتى أثر في عنقه، فالتفت إليه ضاحكا و أمر له بعطاء. و هو أجود الناس بالخير من الريح المرسلة، لا يسأله أحد شيئا إلّا أنحله، و قال: «بعثت إلى الناس كافة، و أحلت لي الغنائم، و جعلت لي الأرض مسجدا، و ترابها طهورا» [5].
و له الحوض، و الشفاعة، و لواء الحمد، و الوسيلة، و هي أعلى درج الجنة.
و ليس لنا إلّا إليك فرارنا * * * و أين فرار الناس إلّا إلى الرسل [6]
[1]- مسند أحمد: 1/ 381 و 4/ 259، صحيح البخاري: 7/ 24، صحيح مسلم: 7/ 16.
[2]- الطبقات الكبرى: 1/ 424، المعجم الكبير: 22/ 158، البداية و النهاية: 6/ 37.
[3]- مسند أحمد: 2/ 424 و 479، صحيح البخاري: 3/ 129، صحيح الترمذي: 2/ 397/ 1353.