و إذ لا سبيل إلى القطع في الشبهات فالأمور ثلاثة، و كذلك في الفرض و النفل:
ففرض بيّن، و نفل بيّن، و شبهات بينهما، من أتى بها نجا من ترك الفرائض، و من تركها وقع فيه فهلك من حيث لا يعلم.
فارتفع الخلاف، و نجونا ممّا نهينا عنه من القول بالرأي و الجزاف، لإبهامنا ما أبهم اللّه و سكوتنا عمّا سكت اللّه، و كما أنّ تارك الشبهات في الحلال و الحرام و فاعلها في الفرض و النفل، ليس كالهالك من حيث لا يعلم، فكذا الهالك من حيث لا يعلم ليس كالهالك من حيث يعلم.
فالناس ثلاث فرق مترتّبين، و لا نعبأ بقول من لا برهان له به، و إن كان في الآخرين مشهورا، و لا بإجماع يدّعى في محلّ الخلاف، فإنّه ليس إلّا زورا، إذا لمجمع عليه لا ريب فيه، فكيف يشتبه بالمتنازع فيه، و اللّه يقول الحقّ و هو يهدي السبيل.
مقدّمة
العلم علمان: علم يقصد لذاته، و هو نور يظهر في القلب فينشرح الغيب و ينفسخ، فيحتمل البلاء و يحفظ السرّ و علامته التجافي عن دار الغرور، و هو الأفضل، لأنّه المقصد الأقصى.
و علم يقصد للعمل ظاهرا أو باطنا، ليتوسّل به الى ذلك النور، و هو العلم بما يقرب إليه تعالى، و ما يبعّد منه، و علامته: الحلم و الصمت و تصديق الفعل القول، و هو الأقدم، لأنّه الشرط.