اسم الکتاب : المهدي المنتظر عند الشيعة الإثنى عشرية المؤلف : دودو ابو العيد الجزء : 1 صفحة : 148
الخطابية، و البلاغة الأدبية، و الاطلاع الواسع على جميع الميادين العلمية في عصره-عادت كل هذه الصفات بالفائدة على طموحات الشلمغاني و كان يبدو أنها ستضمن له تحقيق مطامحه. كان مضمون كتبه و أسلوبه ممتازين، و كانت قوة براهين دفاعه تمتلك القدرة حتى إقناع أعدائه.
و لذلك انتشرت كتبه في كل البيوت الشيعية على التقريب، و حرص الشيعة على استعمالها في أغلب الأحيان [2] .
لقد تمكن الشلمغاني من استغلال ما كان من نزاع بين السفير و بين الوزير حامد بن العباس لصالحه. و كان الوزير، كما سبق ذكره، قد منع السفير من الظهور أمام الناس. و عندئذ رأى نائب السفير و كاتبه، الشلمغاني، أن وقته أن وقته قد جاء. فأصبح يوجه البلاغات و الأوامر و الأجوبة و الأحاديث إلى الطائفة الشيعية [3] ، و كان الكاتب يخلط أشياء كثيرة لصالحه، لم يقل بها السفير على الإطلاق [4] .
كانت حركة القرامطة في جنوب العراق و ما صاحبها من بشاعة متنامية، يضاف إليها تآمر رجال القصر على الوزير ابن الفرات لعدائهم له، قد حملت ابنه المحسن بن الفرات على نفس الفكرة، التي اتبعها نصر الحاجب في ذلك الحين مع دعوة الحلاج إليه. لم يكن ليستطيع تغيير رأي رجال القصر إلا رجل ذو شخصية واحدة قوية النفوذ، قوية الكلمة في الخطابة. و كان الشلمغاني، الذي كان ظاهريا و فكريا يشبه الحلاج، هو الشخص الوحيد الملائم لهذا المنصب [5] . كانت سياسة المحسن تتطلب أن يولي الشلمغاني على هذا المنصب، مع أن السفير كان في أيام وزارة حامد بن العباس قد أعلن في الناس أن الشلمغاني